بقلم: نورالدين بازين
جلالة الملك محمد السادس يواصل تأهيله الوظيفي بعد العملية الجراحية
نورالدين بازين في إطار المتابعة الدقيقة لحالة جلالة
بقلم: نورالدين بازين
بعد الإعلان الملكي عن إلغاء شعيرة ذبح الأضحية لهذه السنة، بدأت تداعيات القرار تظهر في أوساط مربي الماشية، خاصة الكسابة الكبار الذين وجدوا أنفسهم أمام معادلة صعبة: تصريف آلاف رؤوس الغنم من النوع الصردي، وهو السلالة المغربية الأصيلة التي تتميز بجودتها العالية وتاريخها العريق.
وفي اتصالات مباشرة مع مجموعة من الكسّابة، أجمعوا على أن القرار الملكي السامي كان صائبًا ويعكس رؤية متبصرة تستوجب تضافر الجهود لإنجاحها. وأكدوا أن الظرفية الحالية تتطلب دعمهم بشكل ملموس، خصوصًا عبر توفير الأعلاف بأسعار معقولة وتقديم دعم مباشر يساهم في الحفاظ على القطيع وتنميته، خاصة في ظل تداعيات الجفاف المستمر منذ سبع سنوات. كما شددوا على أهمية استثمار الإحصاء الأخير الذي أنجزته وزارة الفلاحة، والذي مكّن من تحديد عدد المواشي لدى كل كساب، مما يسهل مسطرة توزيع الدعم وضمان مواكبة فعالة للقطاع.
ولم يعد خافيًا أن الحكومة أخفقت في تدبير ملف اللحوم الحمراء والقطيع الوطني، رغم إنفاقها ملايير الدراهم على دعم الاستيراد. ورغم هذه الميزانيات الضخمة، لم ينعكس ذلك إيجابيًا لا على خفض أسعار اللحوم، ولا على حماية القطيع الوطني، بل اقتصر الأثر الوحيد على استفادة فئة ضيقة من المحظوظين، تحوم حولها شبهات تضارب المصالح، فيما بقيت الأزمة قائمة، وازدادت الأعباء على الكسّابة والمستهلكين على حد سواء.
وكشفت مصادر موثوقة أن تجارًا من قطر والإمارات، إضافة إلى الجزائر، دخلوا على الخط واتصلوا مباشرة بكسابة مغاربة بغرض شراء هذا النوع من الغنم، الذي لا يوجد إلا في المغرب. ويبدو أن العرض مغرٍ، خاصة في ظل التخوفات من خسائر كبيرة بسبب إلغاء الطلب المحلي المتوقع على الأضاحي.
في ظل هذا الوضع، تبرز مخاوف من أن تتحول الأزمة إلى فرصة لتهريب هذا الموروث المغربي إلى دول أخرى، خصوصًا أن الجزائر أبدت في أكثر من مناسبة رغبتها في امتلاك هذا النوع من الغنم، تمامًا كما حدث مع عناصر أخرى من التراث المغربي كالقفطان والزليج والكسكس.
ويطرح هذا الوضع إشكالية كبيرة تتطلب تدخلاً عاجلاً من وزارة الفلاحة لحماية هذه السلالة من التصدير العشوائي. فبدل أن يخسر المغرب هذا الموروث لصالح دول أخرى، يمكن اعتماد استراتيجيات بديلة مثل إيجاد حلول لدعم الكسابة ماليًا لتعويضهم عن الخسائر المحتملة،فتح أسواق داخلية جديدة لاستيعاب الفائض، سواء عبر توسيع الاستهلاك المحلي أو تصديره في إطار استراتيجيات مدروسة ووضع قيود قانونية على تصدير الأغنام الصردية لحماية السلالة وضمان استمرار تربيتها داخل المغرب.
وللإشارة ،إذا لم تتحرك السلطات بسرعة، فقد يجد المغرب نفسه أمام سيناريو مشابه لما حدث مع تراثه الثقافي، حيث جرى ترويج منتجات مغربية خالصة في دول أخرى على أنها جزء من تراثها. اليوم، التحدي أكبر لأنه يتعلق بسلالة حيوانية مغربية أصيلة، تشكل جزءًا من الهوية الفلاحية للبلاد.
فهل تتحرك وزارة الفلاحة لحماية الغنم الصردي قبل أن يصبح منتجًا مستوردًا في الأسواق الخليجية أو الجزائرية؟ أم أن المغرب سيفقد مجددًا جزءًا من موروثه الفلاحي لصالح الآخرين؟
نورالدين بازين في إطار المتابعة الدقيقة لحالة جلالة