غياب معادلة دبلومات مراكز تكوين الأساتذة: تجاهل أم تهميش ممنهج؟

غياب معادلة دبلومات مراكز تكوين الأساتذة: تجاهل أم تهميش ممنهج؟

- ‎فيرأي
209
0

أنس غفاري

في خضم النقاشات الحادة حول إصلاح المنظومة التعليمية، والتي شهدت جدلًا طويلًا دام لشهور، برزت قضية إغفال مطلب معادلة دبلومات التخرج من مراكز التكوين في مهن التعليم (ENS-CPR-CFI)، وهو ما شكل صدمة كبيرة لدى الأساتذة المتضررين، الذين وجدوا أنفسهم خارج حسابات الإصلاح، رغم الدور المحوري الذي يقومون به في بناء مستقبل الأجيال.

الإصلاحات.. مطالب خبزية وإقصاء للملفات الجوهرية

من الواضح أن النقاشات التي دارت بين وزارة التربية الوطنية، الأحزاب السياسية، والمركزيات النقابية قد انحصرت في قضايا ذات طابع مادي ومطالب اجتماعية آنية، دون الالتفات إلى الملفات الجوهرية التي يمكن أن ترفع من قيمة الأستاذ، سواء أكاديميًا أو مهنيًا. معادلة الدبلومات كانت من بين أبرز المطالب التي نُسيت أو تم التغافل عنها عمدًا، رغم أن الاعتراف بهذا التكوين التربوي من شأنه أن يعزز المسار المهني للأساتذة، ويفتح لهم آفاق التكوين المستمر في مجالات متخصصة تعود بالنفع على المنظومة التعليمية ككل.

المعادلة الأكاديمية.. ضرورة أم ترف؟

عالميًا، تُعتبر الشهادة الجامعية الأكاديمية مجرد 50% من تكوين الأستاذ، بينما تمثل شهادة التكوين التربوي والتداريب الميدانية النصف الآخر. فالجامعات تركز على التخصص المعرفي، في حين أن مراكز التكوين التربوي تعد الأستاذ من الناحية البيداغوجية والمنهجية والتأهيلية لممارسة مهنة التدريس.

إذن، لماذا يُحرم الأساتذة خريجو هذه المراكز من معادلة دبلوماتهم بشهادات وطنية جامعية؟
هل يُعقل أن يتم الاعتراف بشهادات جامعية أكاديمية صرفة، بينما يُهمل التكوين التربوي الذي يعد ركيزة أساسية في نجاح أي منظومة تعليمية؟

إن الاعتراف بهذه الدبلومات عبر معادلتها بدرجة علمية جامعية لن يكون امتيازًا مجانيًا، بل حقًا مشروعًا سيُمكن الأساتذة من متابعة دراساتهم العليا في مجالات متخصصة، مثل:

ماستر في التأليف التربوي

ماستر مربي متخصص لذوي الاحتياجات الخاصة

ماستر في الكوتشينغ المدرسي والتوجيه التربوي

وهذه التخصصات ليست مجرد شهادات أكاديمية، بل وسائل تمكن الأستاذ من تطوير كفاءاته ومهاراته التربوية، مما سينعكس إيجابيًا على التلاميذ، أي على جودة التعليم ككل.

لماذا الإقصاء من متابعة الدراسة؟

في سنة 2011، صدر قرار يمنع الأساتذة من متابعة دراساتهم العليا، بحجة أن ذلك يؤثر على أداء مهامهم التدريسية. لكن الواقع أثبت أن هذا القرار لم يكن سوى وسيلة لإضعاف الأستاذ وحصره في وضعية مهنية جامدة، لا تتيح له تطوير نفسه، ولا تمنحه هامشًا للارتقاء داخل السلم التعليمي أو الأكاديمي.

واليوم، بعدما طرحت التنسيقية الخاصة بأساتذة مراكز التكوين هذا المطلب، وتمت مناقشته في البرلمان، لا يزال يواجه تجاهلًا رسميًا، ربما لأن الاعتراف به سيعطي للأساتذة مكانة علمية ومهنية أكبر، وهو ما لا تريده الوزارة الوصية، التي اعتادت التعامل مع الأستاذ كحلقــة ضعيفة في سلسلة الإصلاحات التعليمية.
فهل يعقل أن يمنع رجل التعليم من العلم و متابعة الدراسة؟؟ خصوص إن كانت هذه الدراسة متعلقة بكل ما هو تربوي، نفسي يعينه على تدريس أبناء هذا الوطن الحبيب في الوقت الذي تمنح فيه وزارة العدل فرصة دراسة الماستر لمسؤوليها وموظفيها بمختلف المحاكم.

الخلاصة

إن تجاهل معادلة دبلومات التكوين التربوي لا يعد فقط إقصاءً لفئة من الأساتذة، بل هو انتقاص من قيمة التكوين التربوي نفسه، الذي يمثل أساس العملية التعليمية. وعليه، فإن الدفاع عن هذا المطلب لا يجب أن يقتصر على الأساتذة وحدهم، بل هو قضية مجتمعية تهم جميع الفاعلين في قطاع التعليم، لأنه لا يمكن الحديث عن إصلاح حقيقي دون الاعتراف بقيمة الأستاذ، وتأهيله وفق معايير علمية وأكاديمية تليق بدوره الحيوي.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

رياضات ومنازل بالمدينة القديمة بمراكش: استقبال سياح بدون ترخيص ولا تصنيف

نورالدين بازين هنا مراكش، تنتشر ظاهرة غير قانونية