المنصة الصناعية لمراكش: قاطرة جديدة للتحول الاقتصادي بجهة مراكش آسفي

المنصة الصناعية لمراكش: قاطرة جديدة للتحول الاقتصادي بجهة مراكش آسفي

- ‎فيإقتصاد, في الواجهة
2142
0

طارق أعراب

تمثل المنصة الصناعية لمراكش خطوة استراتيجية ضمن جهود المغرب لتعزيز التنمية الاقتصادية عبر دعم القطاع الصناعي وتنويع القاعدة الإنتاجية للجهات. فمن خلال إطلاق هذه المنصة، تُعيد جهة مراكش آسفي رسم ملامح مستقبلها الاقتصادي، متجاوزة الاعتماد التقليدي على السياحة والخدمات، نحو نموذج أكثر استدامة وتكاملاً مع الاقتصاد العالمي.

وتمتد المنصة الصناعية، التي تم افتتاحها في يناير الماضي، على مساحة 40 هكتارًا بمنطقة تامنصورت، وهي موقع استراتيجي يضمن قربها من مراكش، بالإضافة إلى ربطها بشبكة طرقية وسككية تسهّل عمليات الإنتاج والنقل اللوجستي. باستثمار إجمالي يبلغ 215 مليون درهم، تقدم المنصة بيئة متكاملة للمستثمرين، حيث توفر قطعًا عقارية مرنة تتراوح مساحاتها بين 1,000 و10,000 متر مربع، ما يسمح للمقاولات الصناعية واللوجستية، بمختلف أحجامها، بالتوطين ضمن إطار حديث ومتطور.

وتشكل هذه المنصة نقطة جذب للمستثمرين الوطنيين والدوليين، بفضل بنيتها التحتية المتطورة وحوافزها الاستثمارية، التي تشمل إجراءات مبسطة لإنشاء المقاولات وتيسير الحصول على العقار الصناعي بأسعار تنافسية. ويُتوقع أن تساهم في خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، معززة بذلك الإدماج المهني للشباب ومساهمة في تقليص معدلات البطالة في الجهة.

لا تُعدّ المنصة مجرد مجمع صناعي، بل هي منظومة متكاملة تجمع بين الشركات الكبرى والمقاولات الصغرى والمتوسطة، مما يعزز من دينامية الإنتاج ويتيح فرص تعاون وشراكات بين الفاعلين الاقتصاديين. إضافةً إلى ذلك، فإنها تستهدف استقطاب استثمارات في قطاعات صناعية ذات قيمة مضافة عالية، مثل الصناعات التحويلية، الطاقات المتجددة، وصناعة السيارات وأجزائها، ما ينسجم مع التوجهات الاستراتيجية للدولة في تحقيق تصنيع متقدم وتنافسي.

إلى جانب البعد الاقتصادي، تم تصميم المنصة وفق معايير بيئية عالية، تشمل نظم متطورة لمعالجة النفايات والمياه الصناعية، إلى جانب توفير فضاءات خضراء تحترم متطلبات التنمية المستدامة. كما أن قرب المنصة من المؤسسات التكوينية ومراكز البحث، سيمكن من توفير كفاءات مؤهلة تلبي احتياجات الصناعات المتواجدة بها، مما يعزز من تنافسيتها واستدامتها.

ومع افتتاح هذه المنصة، تدخل مراكش مرحلة جديدة من تطورها الاقتصادي، متحررة من الاعتماد المفرط على السياحة، ومعززة حضورها كوجهة صناعية ولوجستية تنافسية. فهذه الخطوة ليست فقط استجابة لحاجيات الجهة، بل هي أيضًا جزء من رؤية وطنية أوسع تهدف إلى تمكين المدن المغربية من لعب أدوار جديدة في الاقتصاد الصناعي العالمي.

إن نجاح هذه المنصة سيشكل نموذجًا يُحتذى به في جهات أخرى، كما أنه سيعيد رسم الخريطة الاقتصادية لمراكش، فاتحًا أمامها آفاقًا جديدة لتعزيز تنافسيتها وجاذبيتها للاستثمارات الصناعية ذات القيمة المضافة العالية.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

افتتاح مسجد بإقامة واحة البساتين بسيدي يوسف بن علي استعدادًا لشهر رمضان

طارق أعراب تستعد إقامة واحة البساتين بسيدي يوسف