عودة الاقتراع الفردي في انتخابات 2026: خطوة نحو التمثيل العادل أم تراجع ديمقراطي؟

عودة الاقتراع الفردي في انتخابات 2026: خطوة نحو التمثيل العادل أم تراجع ديمقراطي؟

- ‎فيسياسة, في الواجهة
525
0

كلامكم

تتجه الأنظار إلى الانتخابات التشريعية المقبلة لعام 2026 في ظل الحديث عن احتمال العودة إلى نظام الاقتراع الفردي بدلاً من نظام اللوائح. هذا التحول المحتمل يثير جدلاً سياسياً واسعاً، حيث يعتبره البعض خطوة نحو تعزيز التمثيل الفردي والمساءلة، بينما يحذر آخرون من تداعياته على التعددية السياسية واستقرار الحكومات. فما هي الدوافع الكامنة وراء هذا التغيير؟ وما آثاره المحتملة على المشهد السياسي؟

لطالما شكل نظام الاقتراع محوراً رئيسياً في إصلاحات العملية الانتخابية في المغرب. في المراحل الأولى من الانتخابات بعد الاستقلال، اعتمدت البلاد على نظام الاقتراع الفردي، حيث كان التصويت يجرى على مستوى الدوائر الانتخابية، مما جعل المرشحين يعتمدون على قواعدهم الاجتماعية والسياسية المباشرة.

لكن مع تطور النظام السياسي، تم اعتماد نظام اللوائح بهدف تعزيز التعددية الحزبية، وتمكين الأحزاب الصغيرة من الحصول على تمثيل في البرلمان، بدلاً من ترك الساحة لصالح الأحزاب الكبرى والمرشحين الأكثر نفوذاً. كما أن هذا النظام كان وسيلة لتعزيز مشاركة النساء والشباب في المؤسسات التمثيلية عبر آليات الكوطا.

اليوم، ومع الحديث عن العودة إلى الاقتراع الفردي، يطرح التساؤل حول الأسباب التي تدفع نحو هذا التغيير، وما إذا كان سيؤدي إلى تحسين الأداء الديمقراطي أم أنه يمثل تراجعاً عن المكتسبات السابقة.

و في النظام الفردي، يكون الناخب على اتصال مباشر بالمرشح الذي يمثله، مما يسهل مساءلته ومتابعة وعوده الانتخابية. هذا يقلل من الإحساس بالبعد بين المواطن والسياسي، ويعزز الثقة في العملية الديمقراطية.

و بينما يستفيد نظام اللوائح من الانضباط الحزبي، فإنه يمنح الأحزاب الكبرى قدرة أكبر على السيطرة على المشهد السياسي. بالمقابل، قد يسمح الاقتراع الفردي للمرشحين المستقلين أو المنتمين إلى أحزاب صغيرة بالحصول على فرص أكبر للفوز، مما يعزز التنافسية السياسية.

و نظام اللوائح غالباً ما يكون معقداً، ويتطلب من الناخبين التصويت بناءً على قوائم حزبية، مما قد يسبب ارتباكاً للبعض. بالمقابل، يكون الاقتراع الفردي أكثر وضوحاً، حيث يختار الناخب مرشحاً واحداً فقط لكل دائرة.

و يعد نظام اللوائح أكثر عدلاً في توزيع المقاعد، حيث يضمن تمثيل الأحزاب الصغيرة والتيارات السياسية المختلفة، بينما قد يؤدي النظام الفردي إلى إقصاء بعض الأصوات لصالح المرشحين الأكثر شعبية أو نفوذاً.

و في بعض المناطق، قد يؤدي الاقتراع الفردي إلى تغليب الاعتبارات القبلية على حساب البرامج السياسية، مما قد يضعف التنافس القائم على الأفكار والسياسات.

و في الأنظمة التي تعتمد على الاقتراع الفردي، قد يكون من الصعب تشكيل تحالفات حكومية مستقرة، خاصة إذا أسفرت الانتخابات عن برلمان مشتت يضم عدداً كبيراً من المستقلين، مما قد يؤدي إلى عدم استقرار سياسي.

و إذا تم اعتماد نظام الاقتراع الفردي في الانتخابات المقبلة، فمن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تغييرات جوهرية في الخريطة السياسية. قد تستفيد الشخصيات القوية على المستوى المحلي من هذا النظام، في حين قد تجد الأحزاب الصغيرة صعوبة في الحصول على مقاعد.

كما أن عودة هذا النظام قد تؤدي إلى إعادة توزيع المقاعد بين الأحزاب الكبرى، حيث ستتأثر ديناميكيات التحالفات السياسية، وقد يكون هناك تأثير على نسبة مشاركة الناخبين، خصوصاً إذا شعر البعض بأن النظام الجديد لا يعكس خياراتهم بشكل دقيق.

من جهة أخرى، يرى بعض المراقبين أن هذا التغيير قد يكون مقدمة لإصلاحات أوسع في النظام الانتخابي، تشمل مراجعة القوانين المتعلقة بالحملات الانتخابية، وتمويل الأحزاب، وتعزيز الضوابط لضمان نزاهة الانتخابات.

يبقى التساؤل الرئيسي: هل ستكون عودة الاقتراع الفردي خطوة إيجابية نحو تعزيز الديمقراطية والمساءلة، أم أنها قد تؤدي إلى تراجع في التمثيل السياسي والتعددية؟

الإجابة على هذا السؤال تعتمد على مدى قدرة النظام الجديد على تحقيق التوازن بين تمثيل الناخبين بشكل مباشر، وضمان عدالة الفرص للأحزاب والتيارات المختلفة. وبينما يستمر الجدل السياسي حول هذا الموضوع، يبقى الأهم هو التأكد من أن أي تغيير في النظام الانتخابي يخدم مصلحة الديمقراطية، وليس مجرد أداة لإعادة توزيع النفوذ بين الفاعلين السياسيين.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

وفاة غيثة، أخت نيبة، مباشرة بعد خروجها من الحمام بمراكش

خديجة العروسي مراكش – شهدت مدينة مراكش، صباح