ذ .ادريس المغلشي .
هناك من يسعى ليجعل من الاستثناء قاعدة لتبرير فشله في التدبير لكن لايمكن ان نجعل من حالة الاستثناء قاعدة تنسحب على كثير من المواضيع فهي عملية تستبلد المتتبع لكن هذا الأمر لايصمد في دولة كل مؤشرات الديمقراطية والتنمية متدنية وصورية بخلاف بعض الارقام الأخرى المرتفعة والمخيفة التي تعري واقعنا المأزوم . لا أحد يمكن ان يقبل بقرارات لاشرعية مستندة على مبدأ التحكم في بيئة يسودها كثير من الفوضى وغياب الوعي . ومع هذا السيل الجارف من القوانين التي ترهن مصير وطن في قبضة نخبة فاسدة مع وجود محاصرة لكل الإرادات الوطنية الحية. السؤال المحوري الذي يفرض نفسه علينا جميعا ،ماسر هذا الإسراع الغير مبرر في تنزيل كثير من التشريعات دفعة واحدة بلا توقف ولا فرصة للتدقيق فيها كفاصل زمني يتيح لنا جميعا التأمل فيها واستيعابها؟ من يسعى لهذا الأمر وبتلك الطريقة يعطي إشارة أن زمن التشريع لاتحكمه الضرورة الملحة أكثر مما توجهه فرص استغلال تمريره في زمن قياسي لاعتبارات عديدة أهمها ضعف الرقابة حيث الفاعل السياسي المعارض تم اضعافه لدرجة اصبح معها غيرقادر لا على الملاحظة ولا على ايقاف تغول الحكومة. وأمام هذه الوضعية الشاذة والمرتبكة ، هناك مثالين صارخين متناقضين يعطيان الانطباع أننا في زمن فوضى تشريع وريع. أولا كيف استطاعت المعارضة إيقاف مشروع قانون يحمي صفقة العسل والثاني كيف جاء الباطرونا الأول رئيس الحكومة وبكل وقاحةليحمي مشاريعه الشخصيةتحت قبة البرلمان في حالة تنافي واضحة ومفضوحة.لو كنا في دولة يحترم فيها القانون إذا لم يقدم استقالته، يتم اعفاؤه . لكن نحن في زمن الاستثناءات حيث لم تعد تستفزنا الأحداث رغم بشاعتها . وصرنا نتقبل على مضض كثير من الكوارث في هندسة عجيبة يتم فيها تمرير كوارث دون ردة فعل ولا احتجاج . لاتحكموا على المسار السياسي ومناخه العام مفككا فالتجزيء يفقده الأمور حقيقة الصورة وشموليتها.بل انظروا إلى الواقع من خلال المقتطفات التي تمرر بشكل مخدوم قطعا قطعا… يسهل معها الاستيعاب والهضم دون ان يقوى بعضنا على تركيبها حتى لاتقع صدمة الفهم بعد الهضم .
دعونا بداية نفصل في نقطة مهمة لمن يحاول تبرير السلوك السياسي النشاز تحت عناوين متعددة بدعوى الديمقراطية والحداثة وغيرها من المبررات والمصطلحات التي نعتبر المحك الحقيقي لها واقع التنزيل وأثرها على المواطن وليس تصريحات لاحدود لها ولامنطق ، لقدرأينا كيف تم تعيين فتى السياسة المدلل لدى سيده بعد اغنية ورقص على خشبة المسرح في لحظة تأطير بامتياز لحزب يقود الحكومة بلا بوصلة ولابرامج . وقبله في ديوان وزير العدل رجل لم يترك فتنة إلا وايقظها.كيف تم تنصيب عدد من النكرات في مواقع مهمة من المسؤولية في تغييب تام للكفاءات . فلماذا ننتفض على قرار تعيين مديرة المعهد كعضو في الوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي وكأنها بدعة لم يأت بها زمان من قبل ؟ مايستفزني حقيقة أن تشغل هذه النماذج كثير من المواقع وكأن المغرب عاقر يعيش شحا في الموارد في ظل مؤشر خطير بلغت نسبة البطالة فيه 21% في رقم غير مسبوق.انه زمن استثنائي بامتياز بقرارات استثنائية لامرجع قانوني لها وباختيارات غير مفهومة وغير مبررة لكنها مكشوفة لم تعد تحترم الحدود الدنيا للوعي والفهم كذلك . ومع كثرثها أصبحنا فاقدي البوصلة من أجل التركيز على هدف واحد وسط زحمة مفتعلة لكنها مخدومة باتقان .