ما الجدوى من مهاجمة المدعو هشام جيراندو للمؤسسة الأمنية والقضائية والشخصيات بالمغرب؟

ما الجدوى من مهاجمة المدعو هشام جيراندو للمؤسسة الأمنية والقضائية والشخصيات بالمغرب؟

- ‎فيرأي
526
0

خاص/ كلامكم

في الآونة الأخيرة، برزت على الساحة تصريحات المدعو هشام جيراندو، التي تحمل طابعًا هجوميًا ضد المؤسسات الأمنية والقضائية في المغرب، بالإضافة إلى استهداف شخصيات وطنية عبر منصات التواصل الاجتماعي. هذه التصريحات أثارت جدلاً واسعاً بين المتابعين حول خلفياتها وأهدافها، مما يدفعنا إلى التساؤل عن الجدوى الحقيقية من وراء هذه الهجمات، وعن الدوافع التي تقف خلفها.

إن النقد البناء حق مكفول في أي نظام ديمقراطي، ويعتبر أحد أعمدة الإصلاح ومكافحة الفساد. لكن عندما يتحول النقد إلى هجمات متكررة تتسم بالشخصنة والتشهير، فإنه يفقد قيمته الأخلاقية ويصبح وسيلة لضرب مصداقية المؤسسات، بل وربما محاولة لتصفية حسابات شخصية أو تحقيق مكاسب خاصة.

تصريحات جيراندو، التي يصفها البعض بأنها تجاوزت حدود النقد لتصبح حملات تشويه ممنهجة، طرحت العديد من الأسئلة حول مصادر المعلومات التي يعتمد عليها ومدى مصداقيتها. فاستهداف أجهزة كالشرطة والقضاء، وهي المؤسسات الضامنة للأمن والعدالة في المجتمع، لا يخدم سوى أجندات فوضوية تسعى لزعزعة الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم.

التوقيت الذي ظهرت فيه هذه التصريحات ليس محض صدفة، بل يأتي في سياق وطني حافل بالتحديات الأمنية والاقتصادية. هذا الأمر يثير الشكوك حول نوايا جيراندو، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار الأثر السلبي لهذه الهجمات على صورة المغرب داخليًا وخارجيًا.

يذهب بعض المراقبين إلى القول إن مثل هذه التصرفات قد تكون جزءًا من أجندة أوسع تهدف إلى خلق حالة من البلبلة وعدم الاستقرار. وربما يسعى جيراندو من خلال تصريحاته إلى كسب تعاطف شريحة معينة من الجمهور، أو إثارة الجدل بغرض تحقيق شهرة آنية على حساب المصلحة العامة.

المؤسسات الأمنية والقضائية ليست مجرد هياكل إدارية، بل هي ركيزة أساسية لأي دولة حديثة. الطعن في نزاهتها بشكل غير مسؤول لا يضر فقط بصورتها، بل يهدد استقرار المجتمع ككل.

من المؤكد أن هذه المؤسسات ليست فوق النقد، ولكن التشكيك المتكرر في أدائها دون تقديم دلائل واضحة يضعف مصداقية منتقديها قبل أن يضر بالمؤسسات نفسها. فالقضاء المغربي، على سبيل المثال، شهد في السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا على مستوى التشريع وتحديث البنية التحتية، وهو ما يجعل من الضروري التعامل مع أي اتهامات موجهة إليه بموضوعية وحذر.

كما أن المؤسسات الأمنية المغربية من بين الأكثر كفاءة وفعالية على الساحة الدولية، حيث تمكنت من تحقيق حضور قوي في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية، ما جعلها شريكاً موثوقاً للعديد من الدول الكبرى والمنظمات الدولية. هذا النجاح لم يأتِ فقط من اعتماد التكنولوجيا الحديثة وتعزيز التعاون الدولي، بل أيضاً من قدرتها على التكيف مع التحديات العالمية بحرفية عالية. في ظل هذا الحضور البارز والاعتراف الدولي المتزايد، يصبح من الواضح أن الهجوم الذي يشنه المدعو هشام جيراندو على هذه المؤسسات في هذا التوقيت، قد يرتبط بمحاولة التشويش على هذه النجاحات وزعزعة الثقة بها، مما يثير تساؤلات حول دوافعه الحقيقية وأهدافه.

و من الضروري أن يميز الرأي العام بين النقد البناء وبين الهجمات العشوائية. فالنقد يجب أن يكون مستندًا إلى معطيات موثوقة وحجج منطقية، ويهدف إلى الإصلاح. أما الهجمات التي تتسم بالشخصنة، فهي لا تسهم سوى في نشر الفوضى وضرب الثقة بمؤسسات الدولة.

و يبقى التساؤل المشروع: ما الجدوى من مهاجمة مؤسسات تُعتبر عموداً فقرياً لاستقرار المغرب؟ هل يسعى جيراندو إلى الإصلاح فعلاً، أم أن الأمر لا يتعدى كونه محاولة لاستغلال الظرفية الحالية لأغراض شخصية؟ الإجابة ستظل مرهونة بوعي الجمهور وقدرته على التمييز بين الحقائق والدعاية المغرضة.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

بودكاست كلامكم. ماركو كريموني، مدير كوستا المغرب يتحدث عن علاقة السياحة بالثقافة

حوار: نورالدين بازين/ تصوير: ف. الطرومبتي يشهد مهرجان