تقرير. نورالدين بازين
أُعلنت اليوم النتائج الرسمية لدورة 2023 للتقييم الدولي في الرياضيات والعلوم (TIMSS)، التي كشفت عن تراجع جديد ومقلق لمستوى التلاميذ المغاربة في هاتين المادتين مقارنة بالدورات السابقة. وعلى الرغم من استمرار المغرب في ذيل الترتيب العام للدول المشاركة، فإن ما يثير القلق حقاً هو الانحدار الحاد في أداء تلاميذ المستوى الثاني إعدادي في مادة العلوم.
أظهرت النتائج تراجع المغرب بـ67 نقطة في تقييم العلوم للمستوى الثاني إعدادي مقارنة بالدورات السابقة، وهو أسوأ أداء يسجله التلاميذ المغاربة منذ أكثر من عشرين عاماً. وتراجعت نسبة التلاميذ المتحكمين في الحد الأدنى من الكفايات في العلوم بشكل كارثي من 48% إلى 18% فقط، وهي أدنى نسبة مسجلة بين جميع الدول المشاركة، وأضعف نتيجة للمغرب في تاريخ مشاركاته في هذا التقييم.
في حين أن بعض الدول المشاركة حققت تطوراً ملحوظاً في نتائجها بفضل الاستثمار المستمر في منظوماتها التعليمية، يعكس أداء المغرب استمرار التحديات البنيوية التي تعيق تحسين جودة التعليم.
ويُعد هذا التراجع انعكاساً مباشراً لعدة عوامل، منها ضعف التكوين المستمر للمدرسين، وقلة الموارد المخصصة لتطوير التعليم في المواد العلمية، إضافة إلى غياب سياسات فعالة لدعم الكفايات الأساسية لدى التلاميذ.
وتثير هذه النتائج العديد من التساؤلات حول فعالية البرامج الإصلاحية التي أطلقتها وزارة التربية الوطنية خلال العقد الأخير، ومدى تأثيرها الحقيقي على تحسين جودة التعليم. كما أن الفجوة الكبيرة بين أداء التلاميذ المغاربة وأقرانهم في الدول الأخرى تشير إلى الحاجة الملحة لإعادة النظر في الاستراتيجيات المتبعة، بدءاً من المناهج الدراسية إلى تدريب الأساتذة وتوفير بيئة تعليمية داعمة.
نتائج TIMSS 2023 ليست مجرد أرقام، بل هي جرس إنذار ينبه إلى أن مستقبل الأجيال القادمة مهدد ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة وشاملة لإصلاح التعليم. ومع اقتراب المغرب من تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، يتوجب على الجهات المسؤولة وضع التعليم على رأس الأولويات لضمان إعداد جيل قادر على المنافسة عالمياً.
وللاشارة، يتطلب هذا الوضع حواراً وطنياً شاملاً، يشارك فيه كل الفاعلين في قطاع التعليم والمجتمع المدني، لإيجاد حلول مستدامة تُخرج المغرب من دائرة التراجع وتضعه على طريق النهوض التعليمي.