طارق أعراب/ تصوير: ف. الطرومبتي
مَعْلَم ديني وتاريخي مغلق لأسباب غامضة
يشهد جامع المواسين، أحد أبرز المعالم الدينية والتاريخية في قلب المدينة القديمة بمراكش، إغلاقًا مستمرًا منذ سنتين. هذا الإغلاق أثار استياء واسعًا بين سكان المنطقة وزوارها، الذين يعتبرون المسجد مركزًا حيويًا للعبادة والتواصل الاجتماعي.
بُني جامع المواسين في عهد السلطان الغالب بالله السعدي بين عامي 970هـ و980هـ (1562م – 1572م)، ويُعرف أيضًا بجامع الشرفاء. يُشكل هذا الجامع تحفة معمارية استثنائية تحتضن مجمعًا دينيًا متكاملاً، يضم خزانة علمية، سقاية، ميضأة، حمامًا تقليديًا، كُتابًا، ومسكنًا للقائمين على شؤونه. يُعتبر الجامع رمزًا للهوية الثقافية والدينية للمدينة، ومصدر فخر لساكنتها.
إرث تاريخي يواجه الإهمال
يقع المسجد في حي المواسين العريق وسط المدينة القديمة، وهو حي يتميز بتاريخه الحافل وتراثه المتميز. رغم أهمية هذا المعلم، إلا أن إغلاقه أثار الكثير من التساؤلات. فالمسجد، الذي كان محط اهتمام الباحثين والمؤرخين، أصبح اليوم عنوانًا للإهمال.
ووفقًا لبعض الروايات التاريخية، شُيد الجامع على أنقاض مساحة كانت تُستخدم سابقًا كحارة يهودية أو مقبرة، مما دفع البعض في الماضي إلى التحفظ على الصلاة فيه. ورغم أن هذه الروايات نُسبت إلى المؤرخ محمد الإفراني وذُكرت في كتاب الاستقصا، إلا أنها لا تُقلل من قيمة الجامع كمَعْلَم ديني ورمز للتسامح الثقافي والديني.
تساؤلات المواطنون حول أسباب الإغلاق
تُرجع بعض المصادر الإغلاق إلى الحاجة إلى ترميمات شاملة للبنية التحتية للجامع، فيما يشير آخرون إلى أن الأسباب قد تكون مرتبطة بكارثة الزلزال الذي،ضرب مراكش. ومع ذلك، فإن الغموض حول الأسباب الحقيقية يثير قلق السكان الذين يعتمدون على الجامع لأداء شعائرهم الدينية اليومية.
تأثير الإغلاق على المجتمع المحلي
و يعاني سكان حي المواسين والمناطق المحيطة من نقص حاد في أماكن العبادة، مما يدفعهم إلى البحث عن مساجد بديلة في أحياء بعيدة. يُضيف هذا الوضع أعباءً إضافية على المواطنين، خاصة كبار السن الذين يجدون صعوبة في التنقل لمسافات طويلة.
كما يُثير الإغلاق تساؤلات حول مصير بقية المرافق المرافقة للجامع، مثل السقاية والميضأة، التي كانت تخدم السكان والزوار على حد سواء.
مطالب بإعادة فتح الجامع
و يطالب سكان المدينة القديمة بتوضيحات حول أسباب الإغلاق وضرورة الإسراع في إعادة فتح الجامع، مع الحفاظ على قيمته التاريخية والمعمارية. يعتبرون أن استمرار هذا الوضع يُشكل ضررًا لتراث مراكش العريق وذاكرتها الثقافية.
إذا استمر الإغلاق دون توضيحات أو حلول ملموسة، فإن ذلك سيُؤثر على الصورة العامة للمدينة كوجهة سياحية وثقافية ذات طابع فريد. لذلك، يأمل المواطنون أن تستجيب الجهات المعنية لمطالبهم وأن تتخذ خطوات عاجلة لإعادة الحياة إلى هذا المعلم التاريخي المهم.