خديجة العروسي/ تصوير: ف. الطرومبتي
في بادرة نوعية ترسخ قيم الشمولية والمساواة، أطلق قائد ساحة جامع الفنا في مراكش مبادرةً بتخصيص ممر خاص للأشخاص ذوي الإعاقة للوصول إلى الساحة التاريخية بسهولة وأمان. جاءت هذه الخطوة الإنسانية استجابةً لحاجة ملحة لطالما عبّر عنها الزوار من ذوي الإعاقة الذين يواجهون صعوبات عند التنقل في هذا المكان الشهير، المليء بالأنشطة السياحية والترفيهية.
تعتبر ساحة جامع الفنا أحد أبرز المعالم السياحية في المغرب، وتستقطب يوميًا آلاف الزوار من داخل البلاد وخارجها، حيث تكتظ بفرص الترفيه من عروض الحكايات الشعبية والموسيقى إلى المطاعم التقليدية. ومع ذلك، كانت البنية التحتية للساحة تفتقر لوسائل تسهيل حركة ذوي الإعاقة، وهو ما دفع السلطات المحلية لإيجاد حلول عملية تضمن إدماج جميع الفئات في هذه التجربة السياحية الفريدة.
لاقى هذا الممر الجديد استحسانًا كبيرًا من قبل سكان مراكش وزوارها، حيث أُشيد بالخطوة باعتبارها تجسيدًا لاهتمام السلطات المحلية بتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وضمان وصولهم دون عناء إلى الأماكن العامة. ولاحظ العديد من زوار الساحة أنّ هذا الممر لا يُسهّل فقط عملية الدخول، بل يسهم أيضًا في تعزيز إحساس ذوي الإعاقة بالكرامة والاستقلالية، من خلال تخفيف التحديات التي قد تواجههم في التنقل.
تأتي هذه المبادرة في سياق الجهود الوطنية لتعزيز التسهيلات المخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة في المرافق العامة، ما يعكس الوعي المتزايد بأهمية توفير بنية تحتية شاملة تحترم احتياجات جميع فئات المجتمع. ويأمل الكثيرون أن تكون هذه الخطوة في جامع الفنا نموذجًا يحتذى به على مستوى المدن الأخرى، وأن تدعم السياحة الشاملة التي تتوجه بخدماتها إلى الجميع، بدون استثناء.
وبالإضافة إلى الجوانب الإنسانية، تمثل هذه الخطوة رافدًا لجذب مزيد من السياح، إذ أن تقديم مرافق ملائمة للجميع يعزز من مكانة مراكش كوجهة سياحية رائدة تُقدّر حقوق الإنسان وتوفر بيئة ترحيبية للزوار على اختلاف ظروفهم.
ورغم الإشادة الواسعة التي حظيت بها هذه المبادرة الإنسانية من قائد ساحة جامع الفنا، إلا أن غياب المجلس الجماعي عن المشاركة فيها أثار تساؤلات عديدة بين السكان والمهتمين بالشأن المحلي. فقد كان من المتوقع أن يكون للمجلس الجماعي دور بارز في دعم مثل هذه المشاريع التي تعزز من جاذبية المدينة وتستجيب لاحتياجات فئات مهمة من المجتمع، كالأشخاص ذوي الإعاقة. ويُعتبر هذا الغياب علامة على التحديات التي تواجهها بعض المجالس المحلية في التعاطي مع القضايا التي تمس جودة الحياة اليومية للسكان، ما يبرز الحاجة لتعاون أكبر بين السلطات المحلية والمجالس المنتخبة في سبيل تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
و تُعد مبادرة ممر ذوي الإعاقة في ساحة جامع الفنا مثالًا حيًّا على إمكانية تحقيق التغيير الإيجابي في الأماكن العامة من خلال مبادرات بسيطة لكنها تحمل أثرًا كبيرًا، وهو ما يجعل هذا الإنجاز خطوة مهمة نحو بناء مجتمع متكامل يرحب بالجميع ويعتني بمختلف احتياجاتهم.