الباحث المغربي في العلوم السياسية طه العربي يحلل أبعاد الشراكة بين المغرب وفرنسا

الباحث المغربي في العلوم السياسية طه العربي يحلل أبعاد الشراكة بين المغرب وفرنسا

- ‎فيسياسة, في الواجهة
523
0

الرباط: محمد بلال

أكد طه العربي الباحث في العلوم السياسية بأن الإعلان الذي وقعه الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يعتبر أسمى تعبير عن عمق الشراكة الثنائية بين دولتين في أعراف القانون الدولي باعتباره موقعا بدرجة أولى من لدن قائدي البلدين، ناهيك على كونه بمثابة خارطة طريق مستقبلية لأفاق التعاون المشترك بين الدولتين وميثاق لرسم الرؤى والمعالم الوطيدة للعلاقات المغربية الفرنسية بغية تجاوز التحديات بشكل مشترك، عبر التركيز على القطاعات التي يعتبرهما البلدان في صدارة الأجندة الثنائية.
ويمكن تحليل هذا الإعلان المتعلق بالشراكة الاستثنائية بين المغرب وفرنسا من جانبين، الأول يروم دراسة شكل الإعلان، وهو عبارة عن وثيقة سياسية مكتوبة ومحررة بشكل مشترك بين الجانب المغربي والفرنسي عبر الأليات الدبلوماسية علاوة على عدم تضمنها لفصول أو مواد أو بنود، حيث تم الاقتصار على سبعة عوارض بمثابة مرتكزات للشراكة المستقبلية بين المغرب وفرنسا.
كذلك ما يرمز لسمو الإعلان المشترك بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية هو توقيعه بشكل شخصي من طرف العاهل المغربي والرئيس الفرنسي وعدم الاقتصار على رئيس الحكومة أو رئيس السلطة الحكومية المكلفة بقطاع الخارجية، بالإضافة إلى وجود الخاتم الملكي في نهاية الإعلان الشيء الذي يوحي بأنه ممارسة ملكية صرفة لشؤونها الدبلوماسية باعتبار أن الملك هو المسؤول الأول عن الشأن الدبلوماسي خطابا وممارسة.
معطى أخر يكرس مكانة الإعلان المشترك في العلاقات المغربية الفرنسية من الناحية السيميائية هو مكان التوقيع عن الإعلان، إذ لوحظ توقيعه في المكتب الخاص للعاهل المغربي والموجود في الديوان الملكي بقلب القصر الملكي بالرباط، كذلك حضور الطقوس التي تسبق التوقيع عن الإعلان من قبيل استعراض الجانبان لتشكيلة من الحرس الملكي وكل ما يتعلق بالبروتوكول المخزني المرتبط باستقبال رئيس دولة يفيد بأنه حدث استثنائي وليس استقبال شكليا فقط في إطار الأعراف الدبلوماسية.
بينما الجانب الثاني من الدراسة سينصب على الإحاطة بالجانب الموضوعي للإعلان والذي قررت أن أقسمه إلى ثلاث دعامات أساسية.

الدعامة الأولى: التذكير بالمسار التاريخي لروابط العلاقة بين المغرب وفرنسا ورهانات تجويدها
فقد أشار الإعلان الثنائي إلى أن العلاقات الثنائية بين الجانبين أضحت اليوم تنتمي إلى مصاف الشراكة الاستثنائية الوطيدة، فبفضل الخلفية التاريخية في العلاقات الثنائية بين الجانبين فقد حان الوقت لكي تكون هذه العلاقات في مستوى استثنائي وطيد، وفق محددات سياسية ودبلوماسية محددة وهي: الحوار السياسي في وجهات النظر -الشراكة الاقتصادية – التبادل الإنساني.

الدعامة الثنائية: الارتقاء بالمستوى السياسي في العلاقات والاستفادة من دروس الماضي

والتذكير، فمن بين ما عكر المناخ السياسي بين الرباط وباريس في الفترة الأخيرة الموقف الفرنسي الغير الثابت إزاء ملف الصحراء المغربية، ففرنسا قبل ثلاث سنوات أضحت تتخذ مواقف لا تتلائم مع وجهة نظر المغرب تجاه القضية الوطنية، بالإضافة إلى التصريحات المستفزة والغير المسؤولة للرئيس ماكرون تجاه القضايا الداخلية للمغرب.
تلك العوامل جعلت العلاقات تعرف توترا وبرودا دبلوماسيا في الآونة الأخيرة، إلى حين فهم فرنسا الدرس وإدراكها بأن مستقبل العلاقات بين الدولتين هو رهين باحترام سيادة المغرب الترابية على كافة أقاليمه بما فيها أقاليم الصحراء وعدم التدخل في الأمور التي تندرج في السياسة الداخلية للمغرب، ففرنسا فهمت الدرس جيدا وتولد عنه اعترافها شهر يوليوز 2024 بسيادة المغرب على الصحراء وبمصداقية وجدية مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب سنة 2007، بالإضافة إلى اعتبار أن أي حل لهذه القضية لا يمكنه أن يخرج من دائرة مجلس الأمن هذا الأخير الذي تمتلك فرنسا فيه حق ” الفيتو “، وبالتالي فالإعلان الثنائي قد كرس مرة أخرى أن فرنسا تعتبر أن الصحراء مغربية وأنها جزء أصيل ولا يتجزأ من التراب الوطني المغربي، وبالتالي فمفتاح ربط أي علاقة سياسية أو اقتصادية مع المغرب هو رهين باحترام سيادته الوطنية و عدم التدخل في سياسته الداخلية وفي مواقفه الدبلوماسية و أيضا في توجهاته الاقتصادية .
الدعامة الثالثة: إيلاء أهمية قصوى في العلاقات الثنائية للقطاعات التي أضحت اليوم تكتسي صبغة استراتيجية
فقد تضمن الإعلان المشترك إعطاء أهمية كبرى للقطاعات التي يعتبرها المغرب وفرنسا تنتمي لمصاف القطاعات الإستراتيجية فمثلا حاجة فرنسا إلى الطاقة وتأثر هذه الأخيرة بالتوترات السياسية والحروب جعلت من فرنسا أن تبحث عن مصادر طاقية بديلة عكس مصادر الطاقة التقليدية التي تعتمد على البترول والغاز الطبيعي، فالمغرب يتوفر على سياسة طاقية مستقبلية تعتبر أن الاستثمار في الطاقات المتجددة والنظيفة هو الحل لتجاوز حالة التبعية الطاقية للدول المنتجة للطاقة التقليدية، فموقع المغرب الجغرافي يمكنه من احتضان مشاريع الطاقات المتجددة كمشروع نور لتوليد الطاقة الشمسية بورزازات و بوجدور وعين بني مطهر وكذا محطات توليد الهيدروجين من البحر الذي يعتبر أحسن بديل للبنزين و محطات توليد الطاقة الريحية في المناطق المعروفة بالرياح القوية كتطوان وشفشاون وطرفاية والصويرة، وبالتالي فالشراكة الثنائية مع المغرب هي مفتاح لحصول فرنسا على الطاقة النظيفة من المغرب مستقبلا وفق منطق رابح – رابح ، وفق منهجية توافقية تراعي المناخ السياسي العالمي.
والأمر لا ينطبق فقط على الطاقات المتجددة، فالشراكة الثنائية امتدت لتشمل مسألة الأمن الصحي والصناعة الدوائية واللقاحية وتدبير الموارد المائية والذكاء الاصطناعي والبحث العلمي والابتكار، فهذه القطاعات اليوم يعتبرها البلدان بمثابة قطاعات محورية واستراتيجية، مرتبطة بالأمن القومي المغربي والأمن القومي الفرنسي.

 

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

عاجل: جريمة قتل مروعة تهز دوار “ازنتو” بآيت أورير

عبد الحكبم آيت بلقاسم شهد دوار “ازنتو” بآيت