طارق أعراب / تصوير : ف. الطرومبتي
سقاية “شرب أو شوف” الموجودة في طريق ديور الصابون بالمدينة القديمة في مراكش تُعدّ واحدة من المعالم التاريخية المهمة التي تجسد التراث الثقافي والحضاري للمدينة. تأسست السقاية منذ قرون، وكانت تلعب دوراً حيوياً في توفير الماء لسكان الحي وللمارة، ممثلة بذلك جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية في مراكش. لكنها اليوم، للأسف، تعاني من حالة إهمال شديدة، إذ تبدو في وضع كارثي يهدد بطمس معالمها التاريخية.
يظهر التدهور واضحًا في البنية المتهالكة للسقاية، حيث تنتشر الشقوق في جدرانها، فيما تآكلت بعض أجزائها بفعل الإهمال والعوامل الطبيعية، كما أن المياه التي كانت تتدفق منها أصبحت شحيحة، أو في بعض الأحيان غائبة تماماً. كما لوحظ تراكم الأوساخ والقاذورات حول السقاية، مما يحجب قيمتها التاريخية ويسيء إلى مظهرها، وهو ما يتعارض مع كونها جزءاً من التراث العمراني الذي يجب الحفاظ عليه.
الأهالي والمارة يعبرون عن استيائهم من هذا الوضع، مشيرين إلى أن السقاية لم تعد تلبي غرضها الأساسي كمنبع للمياه، بل أصبحت في حاجة ماسة إلى تدخل عاجل لإعادة ترميمها وصيانتها. ويطالبون السلطات المحلية والمجالس المنتخبة بالالتفات إلى هذا المعلم التاريخي واتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليه، ليس فقط باعتباره تراثاً مادياً، بل كرمز حي يعكس تاريخ مراكش وثقافتها.
التدهور الذي تشهده سقاية “شرب أو شوف” ليس حالة فريدة من نوعها، إذ يعاني العديد من المعالم التاريخية بالمدينة القديمة من نفس المصير. هذه المآثر تُهمل بشكل مستمر، رغم أنها تشكل جزءاً من الهوية الثقافية لمراكش، التي تعتبر واحدة من أهم الوجهات السياحية في المغرب. الحفاظ على هذه المعالم يتطلب وضع خطة شاملة لترميمها وصيانتها بانتظام، وكذلك إدماجها في مشاريع التنمية المستدامة لتصبح موارد جذب سياحي واقتصادي.
في ظل هذه الظروف، بات من الضروري أن تتحرك الجهات المسؤولة، بما في ذلك الوزارة الوصية والسلطات المحلية، لبدء عملية إعادة تأهيل هذه السقايات، وتنفيذ مشاريع للحفاظ على التراث العمراني للمدينة. المبادرات المحلية، والشراكات مع المؤسسات المعنية بالحفاظ على التراث، يمكن أن تلعب دوراً مهماً في إعادة الحياة إلى سقاية “شرب أو شوف” وغيرها من المعالم التراثية التي تحتاج إلى اهتمام ورعاية مستدامة.