نورالدين بازين
في ساحة السياسة المغربية، يظهر بوجلابة كأنه بطل مغربي تقليدي يلبس جلبابه المتهالك، ويحمل فوق كتفيه الهمزة الثقيلة. بوجلابة، هذا السياسي الشعبي الذي يبدو أنه يظهر في كل موقف وقضية، يخوض معارك وهمية باسم الشعب، بينما يحاول السيطرة على همزات تعيق خطواته في كل مرة. فهو ليس بطلًا خارقًا، بل مجرّد سياسي “خاشي صبعو” في كل شيء، يحاول البروز حتى ولو كانت مواقفه تضيف مزيدًا من التعقيد.
بوجلابة والهمزة: كأنها تجيب له المصائب!
يبدو أن بوجلابة لم يكن يومًا خالي الهمّ، فعندما يتخذ قرارًا مهمًا، دائمًا ما تتدخل “الهمزة” لتعترض طريقه. مرة يظهر بوجلابة في المنصة ليتحدث عن خطط تطوير البنية التحتية، ليكتشف بعد فوات الأوان أن مشروعه ينقصه التمويل. وأحيانًا، في خطابات ملونة بالآمال، تتساقط عليه الأسئلة من كل حدب وصوب كأنها وابل من الأحجار، فيتعثر وينتهي به الحال بوعد جديد يُضاف إلى قائمة الوعود الطويلة التي لم تتحقق.
خاشي صبعو فكلشي: حب الظهور أم الاحتياج للفهم؟
ربما مشكلة بوجلابة الحقيقية تكمن في كونه “خاشي صبعو” في كل قضية، بغض النظر عن فهمه لها أو قدرته على حلها. حتى في مواضيع التعليم، تجد بوجلابة يدلي بدلوه، في حين أن آخر مرة كان قد فتح فيها كتابًا كانت عندما كان تلميذًا في المدرسة الابتدائية. “يقولون إن بوجلابة يعرف كل شيء”، لكن الحقيقة أنه لا يعرف سوى كيف يحشر صبعه في أي مكان، بينما يطلق وعودًا مستحيلة التنفيذ. إنه نموذج للسياسي الذي يهرول نحو الكاميرات، وكأن ظهوره المتكرر هو جزء من الحل، في حين أن المشاكل ما زالت قائمة وتزداد تعقيدًا.
قبو ما يدّي الخير: الحلول السرية التي لا تُفصح!
دائمًا ما يقول بوجلابة إن الحلول موجودة، لكنها مخبأة في القبو. ولا نعلم ما إذا كان هذا القبو هو المكان الذي يخفي فيه السياسيون الأسرار أو يُخزنون فيه وعودًا لم تجد طريقها للنور. المواطن العادي لا يرى سوى النتائج، وغالبًا ما تكون هذه النتائج فشلًا ذريعًا أو تأجيلًا للأزمات. القبو، هنا، يمثل رمزًا للسياسة الغامضة التي تُدار من وراء الستار، بعيدًا عن أنظار الشعب. فمهما كثرت الاجتماعات وصدرت البلاغات، يبقى الوضع على ما هو عليه، وبوجلابة يكرر نفس الجمل المستهلكة.
بوجلابة: أصل المصائب ومهندس بلا عمارة
لا يخفى على أحد أن بوجلابة ليس مجرد ضحية للهمزات أو الظروف؛ بل إنه أصل المصائب و”مهندس بلا عمارة”، يتفنن في طرح الأفكار دون أن يتقن بناءها. تراه يتنقل بين المهن والمهام كما يتنقل النحل بين الأزهار، جرب حرفة الوزير والمستشار، ولم يدع منصب الريس يفلت من بين يديه، بل وصل به الحال ليحترف حتى “المساج السياسي”، محاولًا تخفيف الأزمات وكأنها مجرد عضلات متوترة تحتاج إلى تدليك. لكن مهما كانت الحرفة التي يتولاها، تبقى النتائج هي ذاتها: كلام كثير، ووعود بلا أفعال، وعمارة من الأحلام التي لا تجد أساسًا تبني عليه.
في كل مرة يتقلد فيها بوجلابة منصبًا جديدًا، يبدأ الشعب في التساؤل: هل سينجح هذه المرة، أم أن مصائب جديدة ستُضاف إلى القائمة؟ لكن بوجلابة يُصر دائمًا على أن يتبنى دور “المبدع الفاشل”، الذي يضيف لمسته الخاصة على الفشل في كل تجربة يخوضها.
بوجلابة إلى أين؟
قد يكون بوجلابة “بطلًا شعبيًا” في خياله، لكنه في الواقع يمثل حالة السياسة التي تكرر نفسها وتعيد إنتاج نفس الأخطاء. من همزات تضيع عليه الفرص.
ملاحظة: أي تقارب في الصور والأسماء هو محض صدفة وخيال.