نورالدين بازين
خطاب جلالة الملك بمناسبة الذكرى 49 للمسيرة الخضراء
كلامكم/ ومع وجه الملك محمد السادس، مساء اليوم
نورالدين بازين
إذا كنت من سكان مراكش أو زائرها الدائم، فأنت بالتأكيد قد مررت بتجربة “ألف ليلة وليلة” مع طوبيس ألزا. هذا الطوبيس الذي يكاد يجعلك تشعر أنك في مغامرة غير مضمونة النهاية، فلا تدري متى سيظهر، ولا إن كان سيقف لك، أو حتى إن كنت ستجد فيه مكانًا إذا ما قرر أخيرًا الوقوف.
يايجي معطل…
عندما تكون على عجل وتحتاج إلى الوصول لمكان ما بسرعة، تظهر موهبة طوبيس ألزا في “الكريناج” (الراحة الطويلة). تظل تنتظر وتنتظر، تمر ساعة تلو الأخرى، وطبعًا لا شيء يظهر في الأفق سوى الشارع الخالي. تشعر أحيانًا وكأن الطوبيس يعاقبك على ذنب لم ترتكبه، أو ربما قرر أن يحضر بعد أن يُكمل قيلولة طويلة أو جلسة شاي.
يايجي عامر…
تظهر فرحة كبيرة عندما ترى الطوبيس من بعيد، وكأن فارسًا شجاعًا قادم لإنقاذك من الانتظار القاتل، ولكن فرحتك لن تدوم طويلاً. عندما يصل الطوبيس، تدرك أنك أمام “علبة سردين” عملاقة، مزدحمة بشكل يجعل من الدخول إليها أشبه بمحاولة صعود جبل شاهق بدون معدات. إن استطعت العثور على مكان لك، فاعتبر نفسك محظوظًا، وإن لم تستطع، فأنت لست وحدك، فجمهور المنتظرين سيشاركك نفس الإحباط.
يا ميجيش كاع…
هناك أيام يبدو فيها أن الطوبيس قد قرر عدم الظهور تمامًا، كأنه قد أخذ إجازة غير مبررة. تظل تترقب مرور أي طوبيس ليكسر الصمت ويملأ الطريق، لكن هيهات! تشعر حينها وكأنك تشاهد فيلمًا بلا نهاية أو أنك في مدينة بلا وسائل نقل عامة.
يايجي وميوقفش ليك…
أحيانًا، وفي لحظة تترقب فيها الطوبيس وكأنها لحظة حياة أو موت، يظهر فجأة أمامك كسراب في الصحراء، تتأمله بعينين مليئتين بالأمل، لكنه يمر بسرعة البرق دون أن يتوقف، وكأن السائق في مهمة طوارئ خاصة. هنا تسأل نفسك: هل كنت غير مرئي؟ أم أن الطوبيس كان في سباق مع الزمن؟
في النهاية، قد يكون طوبيس ألزا جزءًا من حياة المراكشيين اليومية، ولكن لا يمكن إنكار أنه يمنحك دروسًا مجانية في الصبر، كما يجعلك تتذكر جمال السير على الأقدام، حتى لو كان الطقس حارًا.
كلامكم/ ومع وجه الملك محمد السادس، مساء اليوم