صباح الخير. التفاهة السياسية: بين استغلال التافهين وانفجار الأفلام السريالية

صباح الخير. التفاهة السياسية: بين استغلال التافهين وانفجار الأفلام السريالية

- ‎فيبلاحدود, في الواجهة
610
التعليقات على صباح الخير. التفاهة السياسية: بين استغلال التافهين وانفجار الأفلام السريالية مغلقة

نورالدين بازين

في كتاب “نظام التفاهة” للفيلسوف آلان دونو، يعكس الكاتب واقعًا مريرًا يعمق فهمنا للآليات التي أدت إلى سيطرة التفاهة على مختلف مناحي الحياة، بما في ذلك السياسة، الاقتصاد، الفن، والتعليم. هذا الكتاب يُعتبر نقدًا لاذعًا لنظام عالمي يرتكز على الرأسمالية التي تفرغ الحياة من مضمونها، وتهدف إلى تعظيم الربح ولو على حساب القيم الإنسانية والذكاء الجمعي.

التفاهة في السياسة:

السياسيون في عالم “التفاهة” ليسوا سوى أدوات للترويج لأجندات تافهة تديرها الشركات الكبرى. القرارات السياسية تتسم بسطحية، حيث يتم تعظيم الفائدة المالية على حساب الصالح العام. يدور النظام حول الحفاظ على السلطة والنفوذ بأي ثمن، بغض النظر عن تداعياته على الشعب أو الديمقراطية.

المنتخبون والمؤثرون:

المنتخبون والشخصيات العامة في هذا السياق يمثلون دورًا تجميليًا للنظام، حيث يتم تلميع صورتهم عبر وسائل الإعلام التي تروج للتفاهة. المؤثرون على منصات التواصل الاجتماعي يساهمون في نشر سطحية المحتوى، حيث يتنافسون على الشهرة والمال دون تقديم قيمة حقيقية أو فكر متعمق.

الفنانون واللاعبون والمغنون:

يتطرق دونو إلى تأثير الرأسمالية في الفن والثقافة، موضحًا كيف أصبح الفن أداة لترويج التفاهة. الفنانين والمغنين واللاعبين الرياضيين لم يعودوا يمثلون ثقافة أو قيمًا، بل أصبحوا سلعًا تجارية تخدم النظام الاقتصادي. حتى الإبداع أصبح موجهًا نحو تحقيق الربح بدلًا من تعزيز الوعي الثقافي.

الجامعات والمعرفة:

المعرفة التي كانت في الماضي سبيلاً للحرية والتحرر الفكري أصبحت اليوم خاضعة للتفاهة. الجامعات تحولت إلى علامات تجارية تسعى للحصول على تمويلات، وتقوم ببيع شهادات دون الاهتمام بجودة التعليم أو التفكير النقدي. باتت الشركات تستغل هذه المؤسسات لتأكيد شرعية مشاريعها، بينما تسعى الرأسمالية إلى ترويض العقول مثلما تروض الأجساد.

ثورة إنهاء التفاهة:

يقدم دونو دعوة صريحة للقطيعة مع هذا النظام التافه، مؤكدًا ضرورة تقويض المؤسسات التي تخدم الرأسمالية وتجرد الحياة من المعاني الحقيقية. يتحدث عن ضرورة الثورة على التفاهة التي تتغلغل في كل جوانب الحياة، بما في ذلك الفنون، التعليم، والسياسة.

هذا الكتاب لا يقدم فقط تحليلاً نقديًا لنظام التفاهة بل أيضًا دعوة إلى الوعي والتغيير. إنه يسلط الضوء على ضرورة مقاومة التردي في جميع جوانب حياتنا، ويحث على البحث عن قيم إنسانية حقيقية تعيد للمعرفة والتعليم والفن أدوارهم الحقيقية في تعزيز الوعي والنقد الفكري.

الافلام السوريالية

في ظل سيطرة نظام التفاهة، نجد بعض المنتخبين السياسيين يلجأون إلى تافهين وتافهات للترويج لأنفسهم وخدمة مصالحهم السياسية. هؤلاء الأشخاص، الذين يفتقرون إلى أي خبرة أو قيمة حقيقية، يتم تسليطهم كواجهة شعبوية للتواصل مع الجماهير عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.

لكن هذا الاعتماد يبدو هشًا للغاية، إذ سرعان ما ينقلب السحر على الساحر. ما يبدأ كاستراتيجية تواصل ناجحة ينتهي غالبًا بكشف هزالة المحتوى والرسالة، ويفجر مواقف سوريالية تشبه مشاهد من أفلام عبثية، حيث ينفضح التهافت على الشهرة والسطحية، ويظهر للجميع افتقار تلك الشخصيات إلى أي عمق أو رؤية حقيقية.

يمكنك ايضا ان تقرأ

34 هكتار تحت التهديد: من يحمي أراضي الدولة بأغمات من مخالب الفساد؟”

طارق أعراب في تطور جديد يكشف استمرار معضلة