حكيم شيبوب
تعد مدينة مراكش العتيقة من أبرز المدن التاريخية في المغرب، بتفاصيلها العمرانية الأصيلة التي تعكس عراقة الحضارة المغربية. لكن في الآونة الأخيرة، بدأت معالم هذه المدينة تواجه تهديدات متزايدة نتيجة سوء استغلال بعض الأجزاء التاريخية، الأمر الذي يقوض الجهود المبذولة للحفاظ على هذا التراث العريق.
من بين المعالم البارزة التي تعاني من هذه التجاوزات هو “جناح الهنا” التاريخي في منطقة باكدال، والذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر. هذا المعلم التاريخي الذي يميز المدينة العتيقة أصبح تحت تهديد الاحتلال العشوائي من طرف سكان لا يقطنون في منازلهم الخاصة، ويبحثون عن تعويضات غير مبررة. ما يزيد من تعقيد الوضع هو استغلال “باب الرب” من قبل امرأة متزوجة من موظف سابق بباشوية القصبة، حيث تستغله منذ أربعين عامًا. كان هذا الباب ضمن مشروع ملكي يهدف إلى إعادة تأهيل المدينة العتيقة بتمويل من مؤسسة العمران، لكنه بات خارج نطاق المشروع الملكي نتيجة الاستغلال الشخصي.
تجاوزات أخرى تتجلى في احتلال أبراج سور مراكش التاريخي من قبل أسر من حي الزرايب، وأخرى من طرف صاحب مشروع سياحي ضخم قبالة جنان الشيخ، مدعياً أن البرج جزء من القصر الذي استغله لمدة عشرين عامًا. الأسوأ من ذلك هو محاولة تحفيظ أجزاء من هذا السور التاريخي من قبل أجانب ومواطنين، في مسعى لتحويله إلى ملكية خاصة.
المحلات والمساكن في حدائق المنارة التاريخية لم تسلم هي الأخرى من هذا الاستغلال غير القانوني، حيث تحولت بعض الفنادق التقليدية إلى مستودعات وبازارات، كما تم تأجير أسطح فنادق تقليدية لصالح مقاهٍ، مع مساعٍ أخرى لاقتناء عقارات تاريخية وتحويلها إلى ملكية خاصة.
هذه التجاوزات تقوض الجهود المبذولة من قبل السلطات المحلية والمشاريع الملكية الموقعة أمام جلالة الملك، والتي تهدف إلى تثمين المدينة العتيقة وإعادة الاعتبار لموروثها التاريخي. وفي ظل هذه التطورات المقلقة، يتساءل الكثيرون عما إذا كان الوالي سيتدخل بحزم لإعادة الاعتبار لهذه المدينة التي قطعت فيها السلطات المحلية وعودًا للحفاظ عليها.
مراكش التي تستعد لاحتضان تظاهرات كبرى رياضية وفنية، تواجه تحديًا حقيقيًا في الحفاظ على ما تبقى من هويتها التاريخية. تقلص السقايات التقليدية، وتحول الفنادق التقليدية إلى مستودعات، والأسواق التي باتت مجرد بازارات تحت غطاء اسم “السوق”، كلها عوامل تساهم في تغيير ملامح المدينة. ومع احتلال بعض أبواب وأسوار المدينة في فترات سابقة، بات الحفاظ على هذا التراث ضرورة ملحة تتطلب تدخلًا صارمًا من السلطات.
السؤال المطروح اليوم: هل سيتمكن الوالي من الوفاء بوعوده وإعادة الاعتبار لمراكش التاريخية قبل فوات الأوان؟