نورالدين بازين / تصوير : ف . الطرومبتي
في قلب المدينة الحمراء، حيث تلتقي حضارة الماضي بروح الحاضر، تعاني مراكش، المدينة التي عُرفت بجمالها وسحرها، من تراجع صادم في أهم معالمها: أزقة المدينة القديمة. من درب ديور الصابون، إلى درب أسول، ومنطقة الموقف، وصولاً إلى باب تاغزوت، نجد واقعاً مأساوياً يُشكل وصمة عار على جبين المسؤولين. طريق مليئة بالحفر والشقوق، وحجارة “البافي” التي كان يُفترض أن تُضفي لمسة جمالية صارت مُنتزعة من مكانها بفعل الإهمال، تاركة وراءها مشاهد عشوائية.
هذا المشهد المتدهور لم يعد مجرد تذمرات للساكنة، بل فضيحة تُثار وسط الأحياء التاريخية. يُطرح السؤال الجوهري: أين المجلس الجماعي من كل هذا؟ كيف يمكن أن تستمر هذه المهزلة أمام أعين المسؤولين؟ كيف يعقل أن منطقة الموقف، التي تُعد معقلاً لرئيسة المجلس الجماعي ونائبها الأول، تعيش على وقع هذا الخراب؟ أليس من المفترض أن تكون هذه المناطق واجهة تُشرف المدينة؟
الحديث عن الجودة في ترميم الأزقة هو نكتة سيئة. أعمال تفتقر لأدنى شروط الاحترافية، تصرفات عشوائية في رصف الحجارة، وطرقٍ مهملة بشكل يُهدر المال العام بشكل فجّ ومُقلق. هل وصل بنا الحال إلى أن نرضى بمشاريع ترقيعية تُشوه موروث المدينة التاريخي؟ أليست هذه الفوضى دليلاً واضحاً على غياب المحاسبة وتفشي الفساد الإداري؟
المواطنون في مراكش، تلك المدينة التي لطالما كانت وجهة للسياح من مختلف بقاع العالم، يعانون من هذا الإهمال الذي يُسيء لسمعة المدينة ويُهدد بطمس معالمها. كل خطوة في هذه الأزقة تُذكرك ليس بتاريخ المدينة، بل بحاضرٍ بائس يفرض نفسه على كل من يجرؤ على المرور.
هذه الفضيحة المستمرة تطرح سؤالاً أكبر: هل ماتت روح مراكش؟ أم أن الأمل ما زال قائماً في تدخل جريء وحاسم من السلطات لإعادة الأمور إلى نصابها، وإحياء أزقة المدينة التي كانت يوماً فخر مراكش وسكانها؟