هل تنهار الحكومة بسبب أغاني طوطو و سورة الفاتحة المبتورة؟

هل تنهار الحكومة بسبب أغاني طوطو و سورة الفاتحة المبتورة؟

- ‎فيرأي, سياسة, في الواجهة
1472
التعليقات على هل تنهار الحكومة بسبب أغاني طوطو و سورة الفاتحة المبتورة؟ مغلقة

بقلم: نورالدين بازين

 بدأت التوترات تطفو على السطح داخل التحالف الحكومي المغربي الذي يجمع أحزاب التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال. التحالف الذي تشكل بعد انتخابات 2021 قد شهد في الآونة الأخيرة مظاهر تدل على وجود تناقضات في الرؤى والتوجهات بين مكوناته. ومن بين هذه المظاهر، التباين البارز في افتتاح التجمعات الحزبية، حيث افتتح حزب التجمع الوطني للأحرار تجمعه في أكادير بأغانٍ للفنان طوطو، بينما رد حزب الأصالة والمعاصرة على ذلك بتجمع في بوزنيقة كانت افتتاحيته تلاوة للقرآن الكريم، ولكن بمشكلة أثارت جدلاً واسعًا وهي “بتر” سورة الفاتحة. فهل يمكن لهذه الفروقات أن تشكل بداية لانهيار التحالف؟

تشكل التحالف الحكومي الحالي بناءً على تقارب استراتيجي بين الأحزاب الثلاثة الرئيسية: التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، وحزب الاستقلال. ورغم أن هذا التحالف جاء استجابة للحاجة إلى تأمين استقرار سياسي وحكومي في المغرب، إلا أنه لم يخلُ منذ البداية من تحديات سياسية وتنظيمية داخلية. لقد وُجهت انتقادات مبكرة لهذا التحالف من قِبل المعارضة، التي اعتبرت أن تباين الرؤى داخل الأحزاب المشكلة له قد يكون عقبة أمام تحقيق الاستقرار المطلوب.

تباين الأساليب: من طوطو إلى الفاتحة المبتورة:

افتتح التجمع الوطني للأحرار مؤتمره في أكادير بأغانٍ للفنان المغربي طوطو، وهو ما اعتبرته بعض الأطراف تعبيرًا عن محاولة الحزب لجذب الشباب واستعراض انفتاحه الثقافي وأيضا ردا واضحا على عبد الإله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية،. من جهة أخرى افتتح حزب الأصالة والمعاصرة تجمعه في بوزنيقة بتلاوة للقرآن الكريم، وهي خطوة تنطوي على رسالة رمزية تعكس توجهًا أكثر محافظة وتقليدية.

إلا أن التلاوة كانت مصدرًا للجدل بسبب “بتر” سورة الفاتحة، مما أثار انتقادات حول طريقة إدارة الحزب للتجمع ورسالته. هذا التناقض في الأسلوب بين الحزبين لا يعكس فقط اختلافًا في طرق التواصل مع الجمهور، بل ربما يشير إلى اختلافات أعمق في الرؤى والتوجهات داخل التحالف.

و رغم أن هذه الاختلافات قد تبدو سطحية، إلا أنها قد تكون مؤشرًا على انقسامات أعمق. فحزب التجمع الوطني للأحرار يبدو أكثر توجهًا نحو الحداثة والانفتاح، في حين أن الأصالة والمعاصرة يبدو متمسكًا بقيم تقليدية رغم لبوسه لباس الحداثة، مما قد يعكس اختلافات في الرؤية حول قضايا مهمة مثل الهوية الوطنية والثقافة.

قد تكون هذه التباينات انعكاسًا لاختلافات في كيفية إدارة الملفات الحكومية، مثل التعليم، الثقافة، والإعلام والشغل وكل ما يتعلق برؤية المستقبل. في حين يسعى التجمع الوطني للأحرار إلى استقطاب الفئات الشابة بانفتاحه الثقافي عن طريق ” طوطو”، يبدو أن الأصالة والمعاصرة يحاول التأكيد على قيم تقليدية لجذب قواعده الشعبية.

 وقد أثارت هذه الأحداث ردود أفعال متباينة في الساحة السياسية. فبينما اعتبرت بعض الأوساط أن الأمر يعكس مجرد اختلافات رمزية لا تؤثر في التوجه العام للتحالف، رأت أخرى أن هذه التباينات قد تكون بداية لتصدع أعمق. فالرأي العام تساءل: هل يمكن لهذه التناقضات أن تؤدي إلى نشوب خلافات داخلية أكبر، قد تهدد استمرار هذا التحالف؟

كما أن بعض القيادات السياسية بدأت تلمح إلى احتمال وجود توترات داخلية بين مكونات التحالف، ما يفتح الباب للتساؤل حول ما إذا كان التحالف قادرًا على الاستمرار بنفس القوة، أم أن التناقضات بين الأحزاب قد تصل إلى نقطة لا يمكن التوفيق بينها، خصوصا مع التلويح بتعديل حكومي قريب.

و في ظل هذه التوترات، يبدو أن التحالف الحكومي يواجه تحديات جديدة قد تؤثر على قدرته في البقاء متماسكًا. فالتباينات الرمزية التي ظهرت في افتتاح التجمعات قد تكون مجرد قمة جبل الجليد لمشاكل أعمق في كيفية إدارة الحكومة والملفات الوطنية. ومع تزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على الحكومة، فإن استمرار هذا التحالف قد يعتمد على قدرة الأطراف على تجاوز هذه الخلافات والعمل بشكل منسجم لتحقيق الأهداف المشتركة.

هل تنهار الحكومة بسبب أغاني طوطو أو الفاتحة المبتورة؟ قد يبدو السؤال ساخرًا، إلا أنه يعكس واقعًا سياسيًا معقدًا. فبينما تظهر هذه التباينات كاختلافات في الأساليب، إلا أنها قد تكون دلالة على خلافات أعمق. ومع ذلك، يبقى السؤال المطروح: هل يستطيع التحالف تجاوز هذه التوترات والاستمرار في قيادة البلاد؟ أم أن هذه الخلافات ستكون بداية النهاية لتحالف لم يخلُ من الصعوبات منذ بدايته؟ الأيام القادمة وحدها ستحمل الإجابة.

يمكنك ايضا ان تقرأ

يوم الريف: الجزائر ولعبة الديك المذبوح في سياق العزلة الإقليمية

نورالدين بازين تشهد منطقة شمال إفريقيا تحولات جيوسياسية