د. عبد الجليل بن محمد الأزدي
يفضح شريط حياة الماعز السينمائي نظام الكفيل الاستعبادي، وهو عويلم صغير ضمن نظام أسري توتاليتاري Totalitaire مدعوم بإسمنت الإيديولوجية الوهابية التي تعيش أوهامها داخل سياج دغمائي مغلق. بموازاة ذلك، يشكل هذا الشريط إساءة بليغة للهنود المفترض فيهم أنهم حفدة المهاتما غاندي.
سلمان كريم ليس كريما إلا في شتم العرب ورائحتهم الكريهة الني يزعم أنها تصنع من بول الجمال؛ ونجيب ليس نجيبا إطلاقا، وإنما هو إنسان منوع وممتثل ويعتبر الشر المستطير الذي لحق به في السعودية أمرا طبيعيا وقدرا إلهيا لا مفر منه؛ لذلك، لا يقاوم ولا يناضل ولا يكافح؛ هو مسلم مسالم إذا صفع عن هذه الأيمن يدير للصفع خذه الأيسر. إنه هندي منبطح تماما، يكتفي بالتضرع إلى الله وبالابتهال والدعاء، يناجي نفسه ويناجي ربه، بل ويناجي الشاة التي تشبهه ويشبهها في الانقياد إلى المسلخ. إنسان باستعدادات حيوانية، يتكيف بسرعة ودون مقاومة مع حياة الماعز والغنم والإبل.
صحيح أنه يفتش عن مهرب من جحيم السعودية، لكنه لا يعمل بما يضمن خلاصه من هذا السعير. يأخذ الكفيل المزعوم عقاله، ويستعمله وسطا يجلد به الهندي نجيب. لكن هذا الهندي غير النجيب، أو الذي لا علاقة له بالنجابة، يكتفي بالامتثال والابتهال، ويتوجهما بتلك التحية المألوفة في الهند والنيبال: ناماستي أو نامسكار Namaste، وتعني حرفيا: انحني لك. وهي واحدة من صيغ التحية في الثقافة الهندية، واستخدامها في الهند ونيبال شديد الشيوع والذيوع وتستخدم حين اللقاء وآن الوداع. وإذا كانت في الهند تحمل بعض دلالات التأدب La politesse والاحترام والإجلال، فهي هنا – في حياة الماعز- دليل الخضوع والامتثال والقبول بالإذلال.
أتى البطل من الهند مهزوما، يحمل معه جميع استعدادات الإنسان المقهور الذي يقبل طواعية جميع أشكال الهزيمة؛ أتى مهزومة بفعل وحشية نمط الإنتاج الكولونيالي الذي رسخته الإمبريالية الأنجليزية؛ واستكمل دورته الخذروفية في مستنقع الهزيمة ضمن شروط البطش التي يتيحها مجتمع رعوي يعيش على إيقاع حداثة معطوبة…
