نورالدين بازين
في مشهد يعكس تناقضاً صارخاً بين القيم المعلنة والواقع الممارس، نجد أن الملك محمد السادس وولي العهد مولاي الحسن قد اختارا قضاء عطلتهم الصيفية على شواطئ شمال المملكة، في بادرة تشجيع على السياحة الداخلية وتعزيز روح الانتماء الوطني. في المقابل، يُظهر الواقع أن العديد من المنتخبين والمسؤولين الحكوميين يفضلون قضاء عطلاتهم خارج البلاد، بين فرنسا وإسبانيا، في مشهد يعكس مدى البون الشاسع بين القيم والأفعال.
السلوك الملكي: دعم السياحة وتعزيز الروح الوطنية
الملك محمد السادس وولي العهد مولاي الحسن يظهران، من خلال اختيارهما قضاء العطلات في المغرب، دعماً واضحاً للسياحة الداخلية. هذه المبادرة ليست مجرد لفتة رمزية، بل هي تأكيد على أهمية تعزيز الروح الوطنية والاهتمام بالموارد المحلية. عندما يقضي القادة وقتهم في وطنهم، فإنهم لا يعززون فقط الاقتصاد الوطني، بل يرسلون رسالة قوية للمواطنين حول القيمة الحقيقية للوطنية والانتماء.
تناقض المنتخبين و المسؤولين: رسائل سلبية وتعزيز الفجوة
على النقيض من ذلك، يتجلى في اختيار المنتخبين و المسؤولين لقضاء عطلاتهم في الخارج صورة سلبية قد تؤثر على ثقة المواطنين فيهم. هذا التناقض بين سلوكيات القادة والتوجهات الملكية يطرح تساؤلات جدية حول مدى التزام هؤلاء المسؤولين بمصلحة الوطن. إذا كان القادة يظهرون بوضوح اهتمامهم بالمصلحة العامة، فإن سلوك المنتخبين و المسؤولين، الذي يتسم بالترف والبُعد عن الوطن، يعكس انشغالهم بمصالحهم الشخصية أكثر من اهتمامهم بالشأن العام.
أزمة الثقة: تأثير سلوك المنتخبين و المسؤولين على المواطنين
تأثير هذه الفجوة على صورة المنتخبين و المسؤولين يمكن أن يكون عميقاً. عندما يرى المواطنون أن المنتخبين و المسؤولين يقضون عطلاتهم في دول أجنبية بينما يحثهم القادة على دعم السياحة المحلية وتعزيز الاقتصاد الوطني، فإن ذلك قد يؤدي إلى تآكل الثقة في هؤلاء المسؤولين. المواطنون قد يتساءلون عما إذا كان هؤلاء المنتخبون و المسؤولون حقاً ملتزمين بمصلحة الوطن أم أنهم مجرد موظفين يسعون لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة.
في ظل هذه الصورة المتناقضة، يُعتبر تعزيز الالتزام الوطني والشفافية من أولويات المرحلة المقبلة. يجب على المنتخبين و المسؤولين أن يظهروا التزامهم بالمصلحة العامة من خلال أفعالهم، وليس فقط بالكلمات. من المهم أن يتناغم سلوكهم مع القيم التي يروج لها القادة، لتعزيز الثقة وبناء علاقة أقوى بين المواطنين و المنتخبين والمسؤولين.
إن التباين بين سلوكيات القادة والمنتخبين ليس مجرد مسألة رمزية، بل هو مؤثر حقيقي على الفهم العام لقيمة الوطنية والشفافية في إدارة الشأن العام. بات من الضروري أن تكون الرسائل متسقة وأن يعكس السلوك الحقيقي القيم التي يروج لها القادة، لضمان وحدة الصف وتعزيز الثقة في مؤسسات الدولة.