طارق أعراب
تعاني مدينة مراكش من أزمة بيئية تهدد غلافها النباتي التاريخي، حيث يتعرض الغطاء الأخضر لتهديدات خطيرة نتيجة زحف البنايات وإهمال الصيانة وتدهور إدارة الموارد المائية. يأتي ذلك في ظل ما وصفته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش بـ”الوضع المقلق” الذي يستدعي تدخلاً عاجلاً من السلطات المعنية.
تتابع الجمعية بقلق بالغ تراجع المساحات الخضراء في مراكش وتحولها إلى مطارح عشوائية ومرابط للحيوانات. فقد شهدت المدينة زحفاً متسارعاً للبنايات الاسمنتية على الجنانات والمنتزهات التاريخية، وهو ما نتج عن تغول مافيا العقار وتراخي السلطات المحلية في التصدي لهذا التمدد العمراني.
التحولات السلبية تشمل أيضاً تضرر أشجار معمرة مثل الزيتون والأوكالبتوس، نتيجة عدم احترام إطار التوسع العمراني وغياب تنظيم قانوني واضح. وقد أظهرت الدراسات أن مناطق مثل واحة سيدي يوسف بن علي والمناطق الزراعية السابقة في المحاميد في اتجاه الحوز وجماعات السعادة والسويهلة تشهد تحولات دراماتيكية بفعل التجزئات السكنية.
ونبهت الجمعية الانتباه إلى استمرار استخدام الفرشة المائية في سقي المساحات الخضراء، في وقت تعاني فيه المدينة من نقص حاد في المياه نتيجة سنوات الجفاف. كما أن عدم ربط جميع المساحات الخضراء بشبكة المياه المعالجة بمحطة العزوزية ساهم في استنزاف الفرشة المائية، في حين تقتصر العملية على شوارع معينة فقط.
وقد أدى هذا الإخفاق في إدارة المياه إلى تزايد الزراعة باستخدام مياه الصرف الصحي، مما يشكل تهديداً كبيراً للصحة العامة، خاصةً في المناطق المحيطة بمحطة التصفية وواد تانسيفت. وبالرغم من هذا الوضع، تواصل السلطات تجاهل المخاطر المترتبة على استخدام مياه الصرف في الزراعة.
ورداً على هذا التدهور، تقدمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة بجملة من المطالب تشمل:
- ربط جميع حدائق مراكش بالمياه المعالجة لتفادي استنزاف الفرشة المائية، وإيقاف سقي الأراضي الزراعية بمياه الصرف الصحي حفاظاً على السلامة الصحية.
- إلزام المنعشين العقاريين بإنشاء شبكات مهيكلة لسقي المساحات الخضراء وربطها بشبكة المياه المعالجة.
- تدخل عاجل لإنقاذ المساحات الخضراء المتضررة في أحياء مراكش، وزراعة الأشجار المناسبة لمناخ المدينة، ووقف زراعة النخيل المستورد على حساب النخيل المحلي.
- توفير الموارد اللازمة لمشاتل إدارة المياه والغابات لتمويل الغطاء النباتي وتزويد المجالس الجماعية بالمعدات اللازمة دون تكبد الجماعات تكاليف إضافية.
- فتح منتزه باب الخميس المغلق منذ سنوات أمام العموم.
- إعادة إحياء الحدائق المتضررة مثل حدائق شارع آسفي وأبواب جليز وسيدي يوسف بن علي والمحاميد.
وتشكل هذه المطالب دعوة ملحة للسلطات والهيئات المعنية للعمل على استعادة الخضرة والحفاظ على البيئة في مدينة مراكش، لضمان استدامة الموارد الطبيعية وصحة المواطنين.