هل فعلا يتجه حزب الأصالة والمعاصرة نحو الأفول؟؟؟

يعيش حزب الأصالة والمعاصرة أزمة حقيقية، سواء داخل المكتب السياسي أو داخل التنظيمات الموازية التي تعاني من الضعف والوهن وأصبحت غائبة عن الساحة. وقد ظهر ذلك جليا مباشرة بعد فوضى المؤتمر الوطني الرابع الذي عقد بمدينة الجديدة في السابع فبراير 2020، وظهر فيه ما يدعى بتيار المستقبل الذي أسندت مهامه إلى سمير كودار لمواجهة الأمين العام آنذاك حكيم ينشماس.

 

غير أن طموحات سمير كودار في مؤتمر حزب “البام” الخامس الذي عقد ببوزنيقة في التاسع فبراير 2024، كانت أكبر هذه المرة، ولم تعد جلباب عضوية في المكتب السياسي تليق به، وسعى إلى توسيع طموحه في أن يشارك في قيادة الحزب هذه المرة برفقة فاطمة الزهراء المنصوري و مهدي بنسعيد، غير أن هناك حسابات خارجية اسندت العضوية الثالثة لصلاح الدين أبو الغالي وإلحاقه بالقيادة الجماعية الثلاثية بالأمانة العامة، واكتفى كودار بشغل مهمة التنظيم داخل المكتب السياسي.

 

وأبرز مهتمون بالشأن الحزبي، أن بوادر الصراع بحزب “الجرار”، خصوصا داخل المكتب السياسي الذي لم تكتمل تشكيلته بعد، طفت و لم يعد ذلك خفيا على العامة، خصوصا وأن محطة الاستحقاقات الانتخابية الجماعية والجهوية المقبلة بدأت تشير إليها الأصابع وتنطق بها الأفواه المهتمة، وهذا ما يبرز أن الحزب سيدخل هذه الانتخابات المقبلة بجسد منهوك بحروب داخلية بين تيارات متصارعة مع القيادة وأبرزهم تيار مراكش، الذي يعتقد متزعموه أن كوطة المكتب السياسي لم تنصفه ولم تكن عادلة، عبر عدم تمثيليته بقوة في القيادة الحزبية وأن هناك من يحتفظ لنفسه بالنجومية ولا يريد أي مناضل او مناضلة أخرى أن يشاركه فيها، وقد خطط هذا التيار لنفسه خط عزلة سطره بداخل الحزب عموما كنوع من الاحتجاج الذي ظهرت دوافعه الحقيقية في لقاء تواصلي احتضنه اقليم الرحامنة و أطره صلاح الدين أبو الغالي وغاب عنه سمير كودار ، وهناك من ذهب على أن هناك شبه قطيعة بين تيار مراكش والقيادية عمدة مراكش فاطمة الزهراء المنصوري.

 

و”على خلاف الصراعات التقليدية التي كانت سببا في انشقاق الأحزاب التقليدية الإدارية منها أو التي تسمي نفسها الأحزاب الوطنية والديمقراطية، والتي كانت تدور حول الأفكار والتوجهات الإيديولوجية، فإن الصراعات التي تعرفها الأحزاب المغربية، اليوم، هي في جوهرها صراعات بخلفيات شخصية وتدور حول مواقع القيادة والحفاظ على المصالح”، مع العلم أن هناك ترقب كبير حول أسماء الأعضاء الخمسة الذين ستختارهم القيادة الثلاثية لإضافتهم إلى تشكيلة المكتب السياسي.

 

وكشفت مصادر عليمة، أن حزب الأصالة والمعاصرة ، يشهد صراعات داخلية حادة، كان آخر فصولها الصدام الذي وقع بين صلاح الدين أبو الغالي، العضو الثالث في القيادة الجماعية للأمانة العامة، وعضو المكتب السياسي، سمير كودار، خلال اجتماع للمكتب السياسي مساء الخميس 13 يونيو الجاري.

ووفق مصادر جريدة كلامكم، ” الصدام اندلع على خلفية انتقادات وجهها كودار لأداء أبو الغالبي واتهامه بـ”التفرد بالقرار” و”التسلط” داخل الحزب، وردّ الأخير على هذه الاتهامات بغضب، متهماً كودار بـ”التمرد” و”محاولة زعزعة استقرار الحزب”، وقد تطور الصدام بين الطرفين، إذ ساءت العلاقة بينهما احتاجت تدخل من فاطمة الزهراء المنصوري وأصلحت البين بينهما، لكن يبدو أن صلح ” الحديبية” لن يطول بين الرجلين مستقبلا”.

وتشير مصادر إعلامية أن هذه التطورات تؤكد إلى أنّ “البام” يعيش أزمة قيادة عميقة، تُهدد وحدته وتماسكه، ويأتي ذلك في وقتٍ يواجه فيه الحزب تحديات كبيرة، على رأسها الاستحقاقات الانتخابية القادمة، وتراجع شعبيته في أوساط الرأي العام، خصوصا أن لجنة الأخلاقيات داخل الحزب، برئاسة محامية وبرلمانية، ترى أن هذه الصراعات بقلق كبير، محذرة من أن استمرارها قد يؤدي إلى إضعاف الحزب وتراجع نتائجه في الانتخابات المقبلة.

ويذكر أن الخطاب الملكي الذي ألقاه الملك محمد السادس سابقا بمقر البرلمان، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية العاشرة، وضع الأصبع على الداء الذي بدأ يستشري وسط الأحزاب السياسية المغربية، والمتمثل أساسا في فقدان تلك الأحزاب لدولاب مهمتها التأطيرية والتوجه نحو الصراعات الداخلية والمصالح السياسية الضيقة وتبادل الاتهامات والتصريحات.

فقد أكد الملك، في خطاب البرلمان، على أن المرحلة الجديدة تتطلب انخراط الجميع، بعيدا عن الصراعات الفارغة واستهلاك الوقت والطاقات، مشددا على أنها «تسائل الطبقة السياسية من حكومة وبرلمان وأحزاب من أجل توفير شروط نجاحها»، موضحا أن هذه المرحلة التي حدد محاورها خطاب العرش، تسائل الطبقة السياسية من حكومة وبرلمان وأحزاب من أجل توفير شروط نجاحها، بعيدا عن منطق الخلافات والانقسامات، خدمة لمصالح الشعب المغربي ومصالح الوطن.