الدكتور إسماعيل شعوف*
بدراسة مقارنة لحزب الأصالة والمعاصرة بأحزاب أخرى على المستوى الدولي يتضح أن مسار نشأته مسار عقلاني و استراتيجي للغاية. انطلق كحركة تجمع حولها تيارات فكرية و سياسية متعددة تحولت لتنظيم حزبي لم يفقد روح حركيته الأولى و هو ما يفسر طرح فئات و استقطاب فئات اخرى من حين لآخر تبعا لنضج مؤسسة الحزب و تنظيماته و للمرحلة السياسية التي يمر بها المغرب كدولة في تفاعل دائم يحكمه الجواب على السؤال التالي: ما العرض السياسي الذي يمكن تقديمه للمواطنين و للمواطنات؟
حزب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون كذلك هو من بين الأحزاب الأكثر انتقادا بفرنسا و هو حزب انطلق كذلك سنة 2016 كحركة تحمل اسم ” En marche سائرون” تحولت لتنظيم حزبي اسمه ” La république en marche الجمهورية تسير” و نفس السيناريو تكرر باسبانيا و بايطاليا حيث تم احداث حركات سياسية تحولت لأحزاب فيما بعض بعد نضجها. الأكيد و الثابت هو أن كل حركة سياسية جديدة ستكون بالضرورة مصدر ازعاج لللاعبين التقليديين في الساحة السياسية و الذين يتناسون أنهم هم أصل ظهور الحركات و الأحزاب السياسية الجديدة باعتبار عدم قدرتهم على طرح عرض سياسي و اجتماعي و اقتصادي جذاب و كذلك لكونهم في الأساس سبب موت “السياسة”.
حزب الأصالة والمعاصرة اليوم ببوصلة قديمة جديدة. حيث أن روح المشروع السياسي لمؤسسي الحزب ما زالت قائمة رغم تجديد القيادات و السعي المستمر لتطوير الحزب و التموقع السياسي بين الأحزاب التقليدية. روح المشروع متواجدة و هي المؤطرة لكل تحركات القيادة الجماعية الحالية. إن فاطمة الزهراء المنصوري باعتبارها واحدة ممن امنوا بالمشروع و شاركوا في تأسيس الحزب و تقلدوا مسؤوليات ضمنه لم تكن طريقها مفروشة بالورود بل على العكس من ذلك فقد كانت طريقها نضالية بامتياز وعايشت كل المحطات بهدف واحد هو الحفاظ على المشروع السياسي للحزب و اعطاء أفضل صورة لنموذج الحزب الوطني المتشبث بالتوابث الوطنية . هاتين الخصلتين أهلتاها لتولي زمام القيادة كمنسقة للقيادة الجماعية للأمانة العامة للحزب بدون منازع.
نحن بالضبط على مسافة شهر و نصف مرت منذ انعقاد اخر مؤتمر للحزب. يتضح جليا و على كل المستويات حجم الدينامية و الايقاع القويين اللذين يسير بهما الحزب بعد تجديد قيادته. لقاءات وطنية و جهوية و محلية لتدارس الورقة المذهبية و المرجعية الفكرية للحزب و تحليل للنظام الأساسي و انضاج للنقاش حول بنيات لتخليق الحياة الحزبية و الشروع في تنزيل سلاح الحزب القوي لتأطير أعضائه و المواطنات و المواطنين المتمثل في أكاديمية البام التي تعد مبادرة واعدة بأهداف كبيرة و إستراتيجية.
كل ما تمت الإشارة إليه تعبير على أن الحزب ماض لنقطة تحول غير مسبوقة بأهداف واضحة و بحكامة في التنزيل مبنية على إعادة الاعتبار لكفاءات الحزب و برامج محددة في الزمان و المكان.
إنه حزب يتجدد و يسير ببوصلة جد مضبوطة.
*عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة*
