كلامكم
تكتسي الزيارة التي قام بها بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية للمغرب، دلالة سياسية مهمة تعكس مدى اتساق الرؤى بين البلدين حيث أضفت، بجانب الزيارات الأخيرة لمختلف أعضاء الحكومة الإسبانية، دينامية غير مسبوقة في العلاقات الثنائية. وفي هذا البعد، وبفضل العناية المولوية التي يوليها جلالته للقضايا الإقليمية، لا سيما تلك المرتبطة بالقارة الإفريقية وحوض المتوسط والشرق الأوسط، والتي تشكل حجر الزاوية في هذه العلاقات، أرسى المغرب وإسبانيا علاقة متينة ومتبادلة، في منأى عن أي خلافات للمضي قدما نحو آفاق مشتركة مثبتين أن المغرب وإسبانيا بلدان صديقان.
ويحظى الحوض المتوسطي، بصفته نقطة التقاء بين إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، أهمية استراتيجية بالنسبة للمغرب وإسبانيا، وتنبني هذه النظرة المشتركة على تعزيز الشراكة في مجال الأمن البحري وحماية البيئة ومواجهة التغير المناخي، وكذا تعزيز التبادلات الاقتصادية والثقافية لمواجهة التحديات المشتركة واستغلال فرص التنمية، بما يجعل من المغرب وإسبانيا تحالفا جيو-استراتيجيا جديدا بمنطقة غرب المتوسط، وما يضمن الازدهار والأمن بضفتي البحر الأبيض المتوسط.
ومما لا شك فيه أن الموقف البنّاء لإسبانيا من قضية الصحراء المغربية يكتسي أهمية مضاعفة، فهو من جهة يعكس الدينامية الدولية لإيجاد حل نهائي ودائم، ومن جهة أخرى، فهو صادر من طرف قريب من القضية مدرك لحساسيتها وواع بأن مبادرة الحكم الذاتي الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل النزاع. إذ أكدت الحكومة الإسبانية موقفها من خلال اعتماد البيان المشترك بين البلدين سنة 2022 وكذا خارطة الطريق للسنة ذاتها.
إن الانخراط المشترك للبلدين في إرساء السلم والاستقرار بالمنطقة جلي في المبادرات المشتركة وبرامج التعاون الاستراتيجي، لا سيما في مجال محاربة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، علاوة على تنسيق الجهود في مجال تدبير تدفقات الهجرة. وقد وصف رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، خلال ندوة صحفية عقدها بقصر الضيافة بالرباط بعد الاستقبال الذي حظي به من طرف الملك محمد السادس نصره الله، السياسة المغربية في مجال الهجرة ومكافحة الهجرة بـ”الإيجابية جدا”، مؤكدا على أنه ” لا شيء يعيب الدولة المغربية” وأن هذا الموضوع “حاسم” في العلاقة الثنائية بين إسبانيا والمغرب.
وفي نفس السياق صرح سانشيز متحدثا عن نتائج سياسات الهجرة بين الجارتين أن حكومتي البلدين أنشأتا تعاونا “مثاليا”، مبديا العزم على مواصلة العمل في مجالات مثل “الهجرة الدائرية”، ومؤكدا على الطبيعة “الرائدة” لهذا البرنامج على المستوى الأوروبي.
إن زيارة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، تشهد على تطابق وجهات النظر بين الدولتين والتزامهما بالعمل سويا لتطوير العلاقات الثنائية ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية، بما يعكس إرادتهما لتحقيق مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا واستدامة.