نورالدين بازين
جميعنا نتذكر قرار الملك محمد السادس سحب العفو الذي سبق منحه للمسمى ” دانييل كالفان فينا” الحامل للجنسية الاسبانية، وهو ما اعتبر حينها ‘شجاعة من الملك’،لأن فيه اقرارا ‘ضمنيا بالاعتذار’ وان الملك طوى هذا الملف نهائيا بمجرد صدور بلاغ الديوان الملكي.
وخرجت حينها أصوات تقول “هكذا يكون تصرف الكبار”، إشارة على تراجع الملك عن قرار العفو الذي سبق أن استفاد منه مغتصب الاطفال الاسباني “دانييل كالفان فينا”، مبرزة أن الخطوة التي قام بها الملك تثبت تفاعله و تجاوبه مع مشاعر فئات عريضة من شعبه التي خرجت الى الشارع للمطالبة بالغاء العفو عن المجرم الاسباني.
وجميعنا لا ننسى خطاب الملك، الذي ألقاه بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة لتوليه الحكم، إن “الأمور عندما لا تسير كما ينبغي، يتم الاختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه”.
وتابع قائلا: “وإذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟”
ووجه محمد السادس في خطابه انتقادا لاذعا للمؤسسات الإدارية والنخبة السياسية في البلاد، قائلا إن “بعض السياسيين انحرفوا بالسياسة، كما أن المواطن لم يعد يثق بهم”، وخاطب المسؤولين بقوله “إما أن تقوموا بمسؤولياتكم أو تنسحبوا”.
في المقابل نجد وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى، يتسبب في حرمان الآلاف من التلاميذ من الحق في التعليم على خلفية الإضرابات التي يقوم بها الأساتذة بسبب النظام الأساسي وتعنت الوزير ودون أن يكثرت بخطورة غليان الشارع المغربي، وهذا الأمر الذي وقف عنده المختصون والمهتمون بالشأن المغربي، وجدوا أن الوزير في عدم سحب النظام الأساسي هو تحد للمغاربة بدون استثناء وأن كبرياءه وتعنته فاق كل الحدود ولو اشتعلت البلد بكاملها.
الجدل الذي يرافق حراك الأساتذة والشغيلة التعليمية ليس محصورا بين هذه الفئة بل تعداه إلى الأسر والقطاعات الأخرى، وصار الأمر أكبر من ذلك بكثير، ويتعلق بالإصرار على فرض الأمر الواقع واستعراض العضلات و “عدم الإجتهاد في إيجاد الحلول التي تحفظ للبلاد مكتسباتها الديموقراطية وتطور ديناميات الإصلاح فيها”.
” هذا السلوك المتعنت من طرف الوزير بات غريبا فعلا، ويعيد التجربة المغربية إلى عقود سابقة، أي إلى ما قبل أي حديث عن المقاربة التشاركية أو الحوار القطاعي أو دستور2011″. وفق محتات.
وأمام مثل هذه العقلية العتيقة والمتكلسة، يستغرب المتابعون لعدم تدخل رئيس الحكومة أو الأمانة العامة للحكومة، ولكل الإهمال واللامبالاة تجاه ما يقترفه بعض الوزراء، (…….)، والسعي لإعادة الأمور إلى المنطق.
فيجب أن يعلم الوزير بن موسى أن الاعتذار للمغاربة هو شكل حضاري وليس ضعفا بل هو قوة، أما هذا التعنت والكبرياء لا تجني البلاد منه غير القرف والضياع، فبالإضافة إلى ” شجاعة الملك” محمد السادس في القضية أعلاه، هناك أمثلة لرؤساء وزعماء دول اعتذروا لشعوبهم أو لأشخاص ذاتيين، ومن هؤلاء اعتذار الرئيس الأمريكي أوباما لضابط في البحري الأمريكية بعد أن نسي مصافحته، وأيضا اعتذار العاهل الاسباني لشعبه عن رحلة صيد قام بها إلى بوتسوانا، فيما تعاني بلاده من أزمة اقتصادية خانقة، وقبل ذلك بسنوات اعتذرت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية لطفلة تبلغ من العمر ست سنوات بعد أن عضتها إوزة في المنطقة التي يوجد بها قصرها.