بقلم : علي الجواشي
كان ذلك عام 1974 وكنت وقتذاك في العشرين من عمري ..
في طرابلس افتتحت جمعية بيوت الشباب حديثا وكان مقرها في شارع عمرو بن العاص المعروف بشارع الوادي ..
كنت من أوائل المسجلين للانضمام لهذه الجمعية ..
عقب التاسيس مباشرة أعلنت الجمعية عن تنظيم رحلة لأعضائها الى مدن المنطقة الشرقية لليبيا ..
قد لا تصدقون الان ان قيمة الاشتراك في هذه الرحلة كان خمسة دنانير ..
حدد موعد الرحلة وحضر كل المشاركين ..
كانت الرحلة في شهر يناير 1974..
وفي صباح اليوم المحدد التقينا جميعا أمام مقر الجمعية وكانت حافلة ، اعتقد من شركة النسر المعروفة آنذاك ، في انتظارنا لتقلنا ..
صعدنا للحافلة واخذ كل واحد منا كرسيه ، وبعد ان اكتمل العدد تحركت بنا صوب الشرق ..
سأقفز بحديثي الى مدينة درنة ..
وصلنا الى مدينة درنة قادمين اليها من مدينة البيضاء التي كان طقسها بارد ومياهها جامدة ، لنجد درنة بطقسها المعتدل الجميل ..
تقررت إقامتنا بمدرسة ابن المدينة الشاعر الكبير ابراهيم الأسطى عمر الثانوية التي جهزت لاستقبالنا وإقامتنا طيلة الايام التي سنمضيها في ضيافتها ..
ثاني يوم وصولنا رتبت لنا زيارات في احياء المدينة وزرنا الشلال احد ماتشتهر به درنة وكذلك البساتين التي تميزها واشهد بانني قد رأيت ولأول مرة في حياتي أشجار الموز في هذه البساتين..
كنت اثناء زياراتي للمدن احرص على البحث عن مكتباتها وقد اشتريت منها كمية لاباس بها من الكتب التي كنت أتنقل بها من مدينة الى مدينة ، وقد لاحظ شخص كان من العاملين بالمدرسة ذلك فأصبح يتردد علينا ليلا واكتشفت انه يحفظ كل قصائد الشاعر ابراهيم الاسطى عمر والكثير من الشعر ، كان هذا الرجل يشغل وظيفة “بواب” في المدرسة وهناك من اخبرني انه امي ولكنه قادر على حفظ مايسمعه او يقرا أمامه ، ولم اجروء ان اساله عن حقيقة ذلك ..
كانت درنة بستان للزهور وأرض تنبت الخيرات ورحم لولادة الرائعون نساء ورجال من سكانها ..
سلام لدرنة ورحمة لمن رحل من بناتها وأبناءها وشفاء عاجل للجرحى والمصابين جسديا ونفسيا ..
ستنهض درنة من رمادها وتعود في أبهى حلة بفضل أهلها المخلصين المحبين .. ودرنة ياجنة الأزهار ..