كلامكم/ خاص
سيشكّل قرار وزارة التربية الوطنية المغربية البدء بتدريس ذكؤى مجزرة سابع غشت1907 بالدار البيضاء، في المناهج الدراسية الحكومية مؤشرا إضافيا على التقارب المتواصل مع الماضي الدموي لفرنسا وبين إحياء هذه الذكرى حتى لاننسى.
يرتبط تاريخ فرنسا الاستعماري للقارة الإفريقية، بالعديد من المآسي والآلام، ومن ذلك مدينة الدار البيضاء المغربية، التي تحتفظ بماضٍ أسود مع هذا الاحتلال، والذي ارتكبفي 7 غشت سنة 1907، إحدى أبشع المجازر، حين حوّل مدينة الدار البيضاء إلى مدينة أشباح يسكنها الموتى.
قتلت فرنسا في مجزرة الدار البيضاء، خمس سكان المدينة، وقامت بتدمير المدينة على رؤوس ساكنيها، بعد أن عبّر سكانها عن امتعاضهم من مخطط فرنسي للسيطرة على ميناء الدار البيضاء، فكانت تلك المجزرة بمثابة البوابة التي احتلت من خلالها فرنسا المغرب سنة 1912.
فرنسا أرسلت بوارجها لإخماد انتفاضة “الشاوية” وسكان المدينة الآخرين، فانهمرت القذائف “المتحضرة” الحارقة على السكان وكان يقدر عددهم في ذلك الوقت بثلاثين ألف نسمة.
أستاذ التاريخ المعاصر الدكتورعبد العالي المتليني، يوضح خلفيات تلك الانتفاضة العارمة وما تبعها من مجزرة رهيبة بالقول إن “تفاصيل هذه الواقعة بدأت يوم 28 يوليو1907، عندما تقدم ممثلو قبيلة مديونة إلى عامل الدار البيضاء أبو بكر بوزيد بلائحة مطالب، تركزت حسب أولوياتهم عل تحقيق ثلاث متمنيات، هي طرد المراقبين الفرنسيين من ديوانة الميناء، تخريب سكة الحديد التي أنشأها الفرنسيون بين الميناء والمحجر، والإيقاف الفوري للأشغال الجارية في الميناء”.
سيطرة الأهالي على مدينتهم ردت عليه فرنسا بهجوم بحري من 5 على 7 غشت 1907، حيث قصفت البوارج الفرنسية بمدافعها الدار البيضاء وما جاورها، وقتلت عددا يقدر بين 1500 إلى 7500 شخص، علاوة على تدمير المدينة المغربية بشكل شبه كامل.
بعد القصف العنيف بالقنابل الحارقة من بوارج اصطفت على ساحلها، أنزل الفرنسيون قواتهم في المدينة “مع بعض الدعم من الإسبان، واستولوا على المدينة في غضون أيام قليلة وبدأت في قتل المتمردين والمدنيين بشكل عشوائي”.
ما جرى للمدينة في تلك الأيام وصفه القبطان الفرنسي “كراسي” في كتابه “اختراق الشاوية” في جملة مختصرة ومعبرة قال فيها إن “الدار البيضاء منذ يوم 7 غشت 1907 لم تعد مسكونة إلا بالموتى”.
تلك الأحداث الدموية استمرت بين خمسة إلى سبعة أيام، فقدت المدينة إثرها قسما كبيرا من سكانها، فيما تؤكد التقارير أن عواقب الدمار الهائل التي أحدثته قنابل البوارج الفرنسية الحارقة وشديدة الانفجار، بقيت حتى بعد الحرب العالمية الأولى.
بعد القصف البحري العنيف، وما تلا ذلك من دخول القوات البرية التي عاثت في المدينة نهبا وتقتيلا، تحولت “الدار البيضاء” التي كانت توصف في ذلك الوقت بأنها مدينة “مزدهرة” إلى أنقاض وأطلال.
المصادر الفرنسية تقلل من أعداد الضحايا وتقدرهم بين 600-1500، فيما ترفع المصادر الألمانية العدد إلى رقم يتراوح بين 2000-3000.
أما المصادر المغربية فتفيد بأن عددا قليلا فقط من سكان المدينة نجوا من المذبحة، في حين تؤكد مصادر محلية أخرى أن الدار البيضاء كان عدد سكانها لا يتجاوز ثلاثين ألف نسمة، قتل منهم في تلك المذبحة ما بين 6000 إلى 15000 شخص، وفر ما تبقى من السكان إلى الدواخل.
رافق عملية القصف البحري لمدينة الدار البيضاء والتي استمرت لثلاثة أيام دون انقطاع، إنزال بحري كبير، واجتاح 3 آلاف جندي فرنسي المدينة، مرتكبين أبشع المجازر بها.
خلال ثلاثة أيام فقط، قتلت القوات الفرنسية خمس سكان المدينة، فسقط 6 آلاف مغربي ضحية من أصل 30 ألف نسمة، هي عدد سكان المدينة قبل الهجوم، كما دمرت جميع أحياء المدينة، ولم ينج سوى الحي الأوروبي الذي كان يضم مقار السفارات والقنصليات الأوروبية بالمدينة.
ان تدريس و تعليم الواقع التاريخي الكامل لجرائم فرنسا هو جزء هام و ضروري لمكافحة الشر، بالاضافة لذلك فان فهم هذا الحدث يعزز من فهم رسالة ان أبادت سكان مدينة من أجل إرهابها واستعمارها.
وسيشكّل قرار وزارة التربية الوطنية المغربية، البدء بتدريس ذكؤى مجزرة سابع غشت1907 بالدار البيضاء، في المناهج الدراسية الحكومية مؤشرا إضافيا على التقارب المتواصل مع الماضي الدموي لفرنسا وبين إحياء هذه الذكرى حتى لاننسى.
المصادر: أرشيف