خطاب اليد الممدودة

خطاب اليد الممدودة

- ‎فيرأي, في الواجهة
845
التعليقات على خطاب اليد الممدودة مغلقة

 بقلم: د. عبد الدين حمروش       

 

أكد الملك محمد السادس، في الذكرى الرابعة والعشرين، لتوليه عرش المملكة، استمرار مد المغرب يده إلى الجزائر. مد اليد هاته، ليس المبادرة الملكية الأولى، كما يبدو أنها لن تكون الأخيرة. إلى ان يقتنع نظام الجارة ان لاسبيل، في عالم تكتنفه التحديات على جميع الصعد، الا التعايش والتعاون، سيستمر المغرب في التعبير عن حسن نواياه إزاء الأشقاء الجزائريين.

بتلك النوايا المعبر عنها، سعى المغرب، من خلال خطاب العرش، إلى تصفية ذمته مع “التاريخ”، الذي يتقدم بصورة متسارعة، والذي لن يغفر أي تأخر عن المبادرة نحو الشراكة في التنمية والبناء. كما ان خطاب العرش سعى إلى وضع النظام الجزائري أمام مسؤولياته الوطنية التاريخية، نازعا عنه كل مبررات “القطيعة” أمام شعبه، وأمام الشعوب المغاربية والعربية قاطبة.

لقد أبدى المغرب استعداده لطرح جميع الملفات الثنائية فوق الطاولة، من اجل حلها بشكل جذري، وبما لا يزري بحقوق أي طرف. ولكن، لماذا يصر المغرب على مد اليد كل مرة، في الوقت الذي يعرض فيه الأشقاء عن مصافحة اليد الممدودة، بل ومعتبرينها مؤشر ضعف من الجار؟

ان للمغرب مسؤولية جسيمة أمام شعبه، ممثلة في تحقيق تنميته ورخائه، ما يجعل كل انحراف عن هذا “الخط” مضيعة للوقت والجهد. ذلك ان البديل المقابل عن “مد اليد”، هو التمادي في التشاحن والتطاحن، الذي قد يؤدي الى اندلاع شرارة الحرب. ولذلك، فالمغرب يبذل قصارى جهده من اجل تجنب الحرب، من منطلقي القوة والقناعة معا. المغرب والجزائر يتواجدان في منطقة إقليمية عالية المخاطر، بسبب انتشار الجهاديين، وعودة الانقلابات إلى دول الساحل والصحراء، تحت عناوين الفقر، والهشاسة، والتطرف. ولولا استقرار البلدين الجارين، درءا لتأثير تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وكذا أبعادها الجيو- استراتيجية، هذه المرة، لانخرقت رقعة شمال إفريقيا من جهة، ورقعة حوض البحر الأبيض المتوسط (بما فيها جنوب أوروبا) من جهة ثانية. لذلك، فحين يتبنى المغرب خطاب المصالحة اتجاه جاره، فإنه يدرك المخاطر الإستراتيجية للحرب بين الشقيقين الكبيرين، في إطار تصفية الحساب الجاري بين روسيا والغرب تحديداً.

هناك حرب حقيقية، والتي ينبغي التفرغ لكسبها، وهي حرب ضد الاحتباس الحراري، وتناقص وفرة الغذاء، وتزايد البطالة، والجهل والتخلف. من السهل إطلاق شرارة الحرب، ولكن من الصعب الصبر على تبني خطاب السلم. هل هناك أشد من ان يقطع الجار الغاز عن جاره، املا في الاضرار به، وخلق الفتنة فيه، خلال فترة من أخطر الفترات، التي كان يمر بها العالم؟

على الرغم من كل ذلك الأذى الجزائري، ظلت يد المغرب ممدودة إلى الآن. كما انه على الرغم من كل ذلك الانشغال الديبلوماسي الجزائري “المرضي” بمعاكسة المغرب، في وحدته الترابية، في كل المحافل الإقليمية والدولية، مازال خطاب “اليد الممدودة” حيا مستمرا.

أي حكمة هاته؟ بل أي صبر، واي برودة اعصاب؟

يمكنك ايضا ان تقرأ

انسحاب والي مراكش من لقاء المحامين العرب يثير تساؤلات..

حكيم شيبوب شهدت أشغال لقاء المكتب الدائم لاتحاد