بقلم: البراق شادي عبد السلام
دقت طبول الحرب في أوروبا و الإيطاليون وصلوا ، حالة إستنفار قصوى تعيشها الملاعب الأوروبية ، الإيطاليون في ربع نهائي الدوري الأوروبي من جديد و بعد غياب طويل يعود ملوك كرة القدم إلى مواقعهم الطبيعية مع الكبار بالصدفة !! الكرة الإيطالية هي الأصل وهي التقليد الدوري الإيطالي هو مقبرة الكبار ومجزرة للصغار هو مذبح حيث النجوم تقدم كقربان للجماهير المتعطشة للنصر و هو محكمة الأساطير حيث الأمواج البشرية بأغانيها الإيطالية تطالب بشيئ واحد هو الفوز و لا شيئ غير الفوز ،هو الكالشيو الأسطوري بدهاليزه المظلمة حيث يتعلم أنبياء كرة القدم معنى كلمة نهاية السير أو بداية مستقبل مشرق ثلاث كتائب إيطالية تصل إلى دوري ربع النهاية في الشامبيونزليغ عن جدارة و إستحقاق فرق أسماؤها كانت كافية لتزرع الرعب في جمهور علب السردين داخل أوروبا و خارجها ، هي فرصة لترى الجماهير الجسفرونية المأخوذة بميسي و رونالدو الحقيقة الكروية كاملة بعد عقود من التضليل و الإلهاء و البغاء الكروي ، هي فرصة ليتعلم جمهور “النجم الوحيد” أصول الفرجة الحقيقة مباشرة من ملعب مارادونا في نابولي “أكاديمية كرة القدم العظمى ” حيث ينتحر منطق اللعب البسيط والحساب الرياضي المعقد و تتوالد المعجزات الرياضية في ما بينها ، نابولي يُقدم أروع كرة في دوري الأبطال بعد غياب لخمس سنوات، أنتر ميلانو يعود بعد 14عام من الغِياب عن دور الـ 8 و ميلانو يعود بعد غياب ل11 عام ، سنوات الغياب هاته عن الملاعب الأوروبية كانت كافية لإنتشار الفوضى الخلاقة في الكرة الاوروبية و لتنشئة جمهور بسيط في خياله ، بدائي في متطلباته لا يؤمن إلا بالإستهلاك و جمع الكؤوس و تحقيق الألقاب دون طرح السؤال :- هل إستمتعت حقا في مشاهدة هذه المباراة ؟ جمهور ميكانيكي تقني لا يؤمن بالموهبة لأنه فتح عينيه على لعب ناعم بليد بقوانين كروية تحمي الضعفاء و المعتوهين و تنصف الأغبياء المحتالين و تحول التافهين إلى نجوم .
أربع مدربين إيطاليين سيحددون طريقة اللعب و إستراتيجية الإختراق و بناء الهجمات و تعيبن خطوط الدفاع في كل أوروبا أربع مدارس كروية تنهي الجدل العقيم و تؤكد على الحقيقة الساطعة بأن الكرة في أوروبا العجوز هي إيطالية فالبداية إيطالية والنهاية إيطالية الكبير كارلو أنشيلوتي (ريال مدريد) و الذئب سيموني إنزاجي (إنتر ميلانو ) و الساحر ستيفانو بيولي (أس ميلان) والعراب لوتشيانو سباليتي (نابولي).الإجتياح الإيطالي لملاعب أوروبا في سنوات خلت لن يفهمه جمهور الكوكوت مينوت المتعود على الإنتصارات الوهمية و لاعبي البوطوكس و جماهير الزومبي أسيرة تحليلات الإعلام الرياضي المتواطئ مع صناديق المراهنات جماهير اليوم المفتونة بتقنية الڤار لن تفهم السحر الإيطالي في كرة القدم لأنها للأسف لم تعش الليالي الباردة الممتعة و المباريات التاريخية الجميلة لعمالقة كرة القدم و الإنقلابات الدموية التي عرفتها مباريات مفصلية سجلها التاريخ الرياضي بمداد من الذهب ، هذا الجيل الأغبر للأسف لم يتذوق متعة متابعة الدوري الإيطالي و مشاهدة وزير الدفاع في الأنتر ميلانو باولو مالديني و فرانشيسكو توتي نجم روما وأيقونة الجماهير الإيطالية الكبير روبيرتو باجيو نجم يوفينتوس و جيانلويجي بوفون حارس ميلانو و رونالدو الأصلي نجم أنتير ميلانو ،هذا الجيل للأسف لن يعرف عظمة التخطيط الإستراتيجي في الملعب مع عمالقة التدريب كالعراب مارسيلو ليبي مدرب الأنتير ميلانو و فابيو كابيلو مدرب روما و أس ميلانو و الحكيم جوزيف بيرغامو مدرب أتلانتا و الكببير كارلو أنشيلوتي مع جوفينتوس ، من المستحيل أن تقنع أطفال الجزيرة الرياضية و البين سبورت أن الكالتشيو كان الاغلى والأقوى والافضل والاحسن في العالم وعلى مدار 28 سنة ففي سنة 1993 نشرت صحيفة فرانس فوتبول الفرنسية إستفتاء نتيجته أن أغلب مشاهدي كرة القدم في العالم يفضلون مشاهدة الدوري الإيطالي على أي دوري آخر بالعالم ،والأكثر من ذلك يفضلونه على كل الكؤوس الأوروبية فوصلت نسبة مشاهدة الكالتشيو لدرجة رهيبة تصنف بعد كأس العالم مباشرة كأفضل نسبة وصل لها دوري في التاريخ بجنة كرة القدم العالمية : إيطاليا .
أتذكر هنا العملاق الأوروكواني ألفارو ريكوبا النسخة الأصلية لميسي لولا الإصابات المتتالية في ساحات الحرب مع أنتير ميلانو وتورينو، اليوم تعود الكرة الإيطالية من جديد إلى المشهد الأوروبي رغم المشاكل المالية المتعثرة و الصراع البيروقراطي و رغبة العديد من الأندية اللحاق بالركب الذي تتزعمه أندية طارئة على المشهد الكروي الأوروبي صنعت الفارق بسبب تدفق رؤوس الأموال و الإستثمارات الكبرى و صناعة الإشهار و الرغبة في صناعة نجم الشباك الوحيد، لن أقول أنه كان لا بد من إقبار الكالتشيو في فضيحة “الكالتشيو بولي” لتظهر الليغا و البريمر ليغ لكن الأكيد لولا تواري عظماء كرة القدم لما ظهر الصغار .
بوجود جماهير الآزوري و الروسونيري و النيراتزوري أكيد دوري الربع في الشامبيونز ليغ سيكون له طعم آخر فالمدرسة الإيطالية في كرة القدم بسحرها و نفوذها ونواديها الثلاثة و مدربيها الأربعة سيكون لها أثر كبير في تحديد الخيارات المطروحة أمام باقي الفرق التي هي الأخرى ترى في الإيطاليين عقبات حقيقية يجب تجاوزها القرعة ستحدد نوع المعارك الرياضية التي ستحتضنها ملاعب أوروبا لكن الأكيد أن إيطاليا اليوم تلعب من أجل العودة إلى المسرح الأوربي و تسلم مشعل القيادة من جديد بعد سنوات الفراغ الكروي الذي ملأه نجوم من روق ، أكيد مباريات دوري الربع و النصف النهائي و النهائي سوف تجعل جيل البي إن سبورت و القنوات المشفرة يتعرف على جنة كرة القدم فوق الأرض وأكيد سيرتقي بالذوق العام بعيدا عن التأثيرات الوردية و إختيارات النساء المعجبات بوسامة رونالدو و خفة ميسي !!
يقولون في إيطاليا “كرة القدم قد تناسب النساء الخشنات ، لكنها ليست أبدا للرجال الناعمين ، لا فرق بين الدفاع عن المرمى والدفاع عن الشرف ! ”
فالكرة الإيطالية هي اللعبة و الفرجة الوحيدة للرجال المحترمين .