مدينة قلعة السراغنة بين الركود و الفساد

مدينة قلعة السراغنة بين الركود و الفساد

- ‎فيرأي, في الواجهة, مجتمع
1170
التعليقات على مدينة قلعة السراغنة بين الركود و الفساد مغلقة

البدالي صافي الدين

سبق أن أشرنا في مقال سابق بعنوان “مشاكل قلعة السراغنة و أخواتها” ، و تعهدنا للمتتبع بالعودة الى الموضوع . و بما أن لا شيء تغير منذ ذلك الحين، أي منذ شتنبر الماضي ، نعود إلى موضوع مدينتنا التي تعيش ركودا و تخلفا و تعيش نزيفا بيئيا، حتى أصبح أغلب السكان يتساءلون عن أسباب هذا الركود و هذا التخلف اللذان تعيشهما مدينة قلعة السراغنة دون غيرها من المدن المغربية، اقتصاديا و اجتماعيا ، و على المستوى التأهيل الحضاري و العمراني والبيئي والبنية التحتية، و ايضا على مستوى المشاريع التنموية.هي تساؤلات وجيهة و مشروعة.

 

قد يعتقد البعض بأن ما تعيشه المدينة الآن من وضع يطغى عليه الركود و البؤس الاجتماعي و الثقافي جاء بالصدفة أو بسبب عطب عابر في آلة تسيير وتدبير الشأن المحلي ، في حين أن الحقيقة ليست كذلك. أولا : لأن التخلف والركود هما نتيجة تراكم من صنع أيدي الفساد الإداري و المالي و السياسي و الاخلاقي.

ثانيا: لأن توقف نبض المدينة هو نتيجة الفساد الإداري الذي جعلها محاصرة بأحزمة البؤس التي شكلها البناء العشوائي الذي ظل مجالا للاغتناء غير المشروع من طرف السلطة واعوانها و كثير من المستشارين حتى أصبح واقعا مرغوبا فيه، لأنه يشكل كتلة ناخبة تحت الطلب من طرف المسؤولين عن الشأن المحلي من منتخبين وسلطات محلية وإقليمية للتحكم في التوازنات السياسية.

ثالثا : إن هذه الأحزمة أصبحت احزمة ناسفة تهدد كل تقدم عمراني وحضاري سالمين ، فهي التي أنتجت العربات المجرورة لنقل الركاب داخل المدينة و العبث بالنفايات المنزلية ليلا و نهارا ، و أصبحت تشكل خطورة على المارة و أصحاب السيارات ، في حين أن الأمن و السلطات و المجلس لا يحركون ساكنا لحماية المدينة من هذه المظاهر المشينة . لأن هناك منهم من له مصلحة في ذلك ،لأنه يستفيد من مداخلها اليومية و أصبح مع الذين يعترضون على استفادة المدينة من أي نقل حضري ممكن. إنه سلوك يعبر عن الفساد الأخلاقي الذي لا ينتج إلا مظاهر الفوضى و انتشار البؤس بالمدينة و تعطيل وتيرة النمو والتطور .

رابعا: إن الفساد الإداري كان ولا يزال السبب في تكاثر الباعة المتجولين و احتلالهم الشوارع و الأزقة مجبرين ويتعرضون للاستغلال من طرف مسؤولين من السلطة وأعوانها و من طرف بعض أعضاء المجلس . و ظل هؤلاء ينتظرون حلا جدريا مناسبا بعيدا عن الاستغلال و المحسوبية و الزبونية بتاهيل الأسواق النموذجية و تأطيرها بقانون يحميهم من بطش المكلفين بتدبير هذه الأسواق التي أصبحت موضوع شبهات تتجلى في الاستغلال غير القانوني لهؤلاء الباعة ماديا و معنويا، خاصة في الانتخابات، لأنهم يشكلون كتلة ناخبة مهمة يراهن عليها بعض المستشارين بالمحلس حتى يضمنوا الاستمرار في هذا المجلس .

خامسا : إن آفة الفساد الإداري و المالي التي ابتليت بها المدينة هي سبب الركود الاقتصادي أي هبوط في النمو . هذا الهبوط التي يتجلى في غياب استثمارات تساهم في التنمية المستدامة و في الحد من ظاهرة البطالة التي أصبحت متفشية في صفوف الشباب بالمدينة ، ذلك لأن بنية استقبال المستثمر غير متوفرة، و لأن أراضي الحي الصناعي الحالي تم توزيعها من قبل و في إطار سياسة الريع على غير المهنيين الحقيقيين . كما أن المجلس لا يملك أية دراسة علمية و استراتيجية مندمجة من خلال تحديد مؤهلات المدينة الطبيعية و البشرية و اليد العاملة لجلب المستثمرين من الداخل أو من الخارج .

سادسا : أما أسباب التخلف الحضاري والعمراني فهي راجعة الى عامل المضاربات العقارية من جهة و من جهة أخرى إلى عامل التستر و التشجيع على البناء العشوائي الذي أصبح يحاصر المدينة شمالا (ازنادة ) و جنوبا ( البانكة و كدية الجمالة وجنانات بن عرش ) و غربا (المحيطة أو دوار الكوشة و على الطريق الوطنية المؤدية إلى بن جرير )و شرقا ( جنانات الرويش ).

ويعود تاريخ هذه المظاهر الى بداية الثمانينات حيث كانت الهجرة من البادية الى المدينة قوية بفعل الجفاف ، و تم استغلال الوافدين بتركهم يؤسسون أحياء عشوائية داخل المدينة ( الغابية ، اسويكية ، جنان بكار ) بالاضافة الى دواور بضواحي المدينة ( دوار الليل ،دوار اكدية الجمالة ، البانكة ، اولاد علال دوار الكرس ، الغابية … ).

 

و من هنا بدأت عملية ترييف المدينة و بدأت تتكرس مظاهر البداوة بكل مظاهرها و التي هي عكس الحضارة التي تعني الاستقرار ، والحياة المدنيّة والتقارب الاجتماعي. و لم يكن حل المشكل إلا على حساب هندسة الجزيئات التي تم إنشاؤها من طرف السكنى و التعمير أو من طرف شركة ايراك بتخصيص قطع مجهزة لتعويض السكن العشوائي مما جعل الأحياء الحديثة تعرف الاكتضاض و المضاربات العقارية و المعشواءبة في التصاميم حتى اصبحت المدينة لا تملك هوية معمارية تربط بين ماضيها المعماري والتراثي و البيئي و بين حاضرها الذي اصبح يطغى عليه البؤس المعماري والبيئي بفعل السياسية العمياء في تدبير الشأن المحلي.

يمكنك ايضا ان تقرأ

مشروع القطار السريع بين مراكش وأكادير: خطوة جديدة عبر دراسة التربة بجنان أبريكة

نورالدين بازين شهدت منطقة سيدي غانم بمراكش، صباح