مريم آيت افقير
قررت محكمة الاستئناف بمراكش تأجيل ملف ياسين الشبلي المواطن الذي توفي بمخفر الشرطة بابن جريرأثناء تواجده تحت تدابير الحراسة النظرية،بسبب عدم توصل دفاع الطرف المدني وذوي الحقوق،بعدما كان معروض على انظار المحكمة الابتدائية بابن جرير،حيث قضت هذه الأخيرة بالحكم الذي اعتبر في نظر عدد من الحقوقيين والمتتبعين للشأن القضائي بالمغرب،اجتهادا قضائيا مهما وهو التالي : “عدم الاختصاص نوعيا للبث في القضية وبإحالة الطرف الذي اقام الدعوى العمومية على من له حق النظر، مع استمرار حالة الاعتقال التي يوجد فيها المتهمين الاول والثاني ، وحفظ البث في الصائر”.وذلك طبقا للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي صادق عليها المغرب بالأولوية على القانون الفصل 231 من القانون الجنائي الذي لا يتبنى نفس مفهوم التعذيب كما عرفته المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب،وحيث حسب حيثيات الحكم المذكور “ان اتفاقية مناهضة التعذيب قد جعلت من سوء المعاملة او العقوبة القاسية أو اللانسانية او المهينة( وفق ما هو ثابت في نازلة الحال بموجب اعتراف المتهمين) كلها تقوم مقام التعذيب و لا تقل خطورة عنه،وذلك طبقا لمقتضيات المادة 16 من نفس الإتفاقية التي تنص على : ” 1- تتعهد كل دولة طرف بان تمنع،في أى اقليم يخضع لولايتها القضائية حدوث أى أعمال أخرى من أعمال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي لا تصل إلى حد التعذيب كما حددته المادة 1، عندما يرتكب موظف عمومى أو شخص آخر يتصرف بصفة رسمية هذه الاعمال أو يحرص على ارتكابها، أو عندما تتم بموافقة أو بسكوته عليها. تنطبق بوجه خاص الالتزمات الواردة في المواد 10،11،12،13 وذلك بالاستعاضة عن الاشارة إلى التعذيب بالاشارة إلى غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة…
2- لاتخل أحكام هذه الاتفاقية باحكام أى صك دولى آخر أو قانون وطنى يحظر المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة…”.
وحيث أن الاختصاص النوعي من صميم النظام العام ويتعين على المحكمة أن تثيره تلقائيا ، كما أنها ملزمة بتطبيق القانون المناسب على الوقائع المعروضة عليها من خلال استقرائها لظروف وملابسات القضية وكذا القرائن المحيطة بها ، وهو الاتجاه الذي كرسته محكمة النقض في العديد من القرارات الصادرة عنها ، من بينها : ” القرار الصادر بتاريخ 19 / 05/ 2021 تحت عدد 1192/6 في إطار الملف الجنحي عدد 2021/6/6/6427″.
وحيث تبعا لذلك فإن تبوث كون الافعال التي اقترفها المتهمين تشكل جناية التعذيب ، يجعل هذه المحكمة( يضيف الحكم المذكور) غير مختصة للبث في القضية تطبيقا لمقتضيات المادة 252 من قانون المسطرة الجنائية ، مما يتعين معه التصريح بعدم الاختصاص النوعي ، كما ان المحكمة و بموجب ذلك تظل في غنى عن مناقشة مدى توافر العناصر التكوينية لباقي الجنايات من عدمه ، والتي تمت اثارتها من طرف دفاع الجهات المطالبة بالحق المدني.
وحيث يتعين إحالة الطرف الذي أقام الدعوى العمومية على من له حق النظر ، مع إبقاء المتهمين الاول والثاني رهن الاعتقال ، تطبيقا لمقتضيات المادة 390 من قانون المسطرة الجنائية.حسب منطوق الحكم عدد 7 التي تتوفر جريدة كلامكم على نسخة منه و الصادر بتاريخ 2023/01/12 ، و ذلك في الملف الجنحي التلبسي رقم : 2021/2103/415 والذي يتابع المتهمين في هذه وفق صك الاتهام التالي : ” ارتكاب العنف اثناء القيام بالوظيفة ضد احد الاشخاص ، والتسبب في القتل غير العمدي الناتج عن عدم التبصر وعدم الاحتياط و الاهمال بالنسبة للمتهمين الاول والثاني ، والتسبب في القتل غير العمدي الناتج عن عدم التبصر و عدم الاحتياط و الاهمال بالنسبة للمتهم الثالث ، الافعال المنصوص عليها وعلى عقوبتها طبقا للفصول 231 و 432 من القانون الجنائي.
كما عرفت هذه الجلسة ايضا تقديم ملتمس من طرف دفاع المتهمين المعتقلين،و الرامي الى رفع حالة الاعتقال بسبب توفرهما كافة ضمانات الحضور،اضافة الى استعدادهما لأداء اية كفالة تحددها المحكمة،حيث قررت المحكمة تأجيل البث فيه الى اخر الجلسة، مع تكليف دفاع المتهمين بتبليغ دفاع الطرف المدني باستدعائهم في الجلسة المقبلة.