يشار إلى أن الموساد واحد من ثلاث أجهزة استخباراتية إسرائيلية رئيسة إلى جانب الشاباك وهو الجهاز الاستخبارات الداخلية، وجهاز الاستخبارات العسكرية أمان، فيما يتولى الموساد العمليات الاستخباراتية الخاصة في الخارج.
يلف الغموض الدائم والتقليدي ليس فقط عمليات الموساد في الخارج، بل ومن جميع النواحي بما في ذلك مصدر تسميته.
توجد ثلاث روايات عن مصدر تسمية “موساد”، الأولى تذكر أن الكلمة تعني باللغة العبرية مؤسسة أو هيئة.
الرواية الثانية عزت الكلمة استنادا إلى كتب سلسلة مؤسسة إسحاق أسيموف إلى جذر الكلمة “يسود” وتعني الأساس، وترى أن معنى “الأساس” اشتقاقا هو أقرب من الرواية الأولى الذي تحيله إلى “المؤسسة “أو “الهيئة”، على الرغم من أن “الموساد” كجهاز أقرب ضمنيا إلى المعنى الأخير.
أما الرواية الثالثة، فهي الأكثر إثارة لامتداداتها التاريخية والأسطورية، حيث تربط بـ”مسعدة”، وهي قلعة قديمة أسطورية تقع بالقرب من شاطئ البحر الميت، وهي مدرجة في قائمة مواقع التراث العالمي.
وترى هذه الرواية أن جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي الموساد، استمد اسمه اشتقاقا من هذه القلعة.
قلعة “مسعدة” بناها في العام 25 قبل الميلاد الملك هيرودس الكبير الذي اشتهر بشدة بطشه وقسوته، حتى أنه أمر للمحافظة على عرشه، بقتل جميع أطفال بيت لحم للتخلص من مولود يدعى يسوع، كان حُذر من أنه سيقوض ملكه.
شيدت هذه القلعة على قمة صخرة منيعة في منطقة صحراوية قاحلة ومقفرة، وكانت ملجأ للملك وعائلته خلال حروب لم تنقطع، علاوة على أنها كانت تستغل كمخزن للذهب والأسلحة.
ولا تزال حتى الآن قائمة بقايا جدران القلعة التي يبلغ سمكها أربعة أمتار ويصل طولها حوالي كيلومتر ونصف مع العديد من الأبراج الدفاعية وقصر الملك هيرودس والكنيس اليهودي.
في السنة 66 من القرن الميلادي الأول شهدت المنطقة انتفاضة كبرى لليهود ضد الإمبراطورية الرومانية، وفي العام التالي استقرت طائفة “سيكاري” المعروفة بأنها متعصبة في قلعة مسعدة. وهؤلاء قادوا تمردا ضد الرومان تسبب في حرب طويلة.
وبعد أن استولى القائد الروماني تيتوس صيف علم 70 على القدس وانتزعها من أيدي العبرانيين، بقيت قلعة “مسعدة” المعقل الأخير للانتفاضة اليهودية، وكان يتحصن بها ألف شخص مع النساء والأطفال.
تجهز الفيلق الروماني التاسع بقيادة فلافيوس سيلفا لاقتحام القلعة المنيعة وبنى حولها ثمانية معسكرات لجنوده، ويقال إن آثار أساساتها لا تزال باقية حتى وقتنا الحالي.
أمر قائد الفيلق ببناء سور حجري بطول 70 مترا على المنحدر الغربي الأضعف من القلعة، وذلك لنصب المناجيق وآلات الحصار كي تكون في أقرب موقع من جدران القلعة. وتم إحكام الحصار حول القلعة.
حين نجح الرومان في إشعال النار في جدار دفاعي إضافي داخلي بناه من الخشب أفراد طائفة “السيكاري”، تقرر مصير مسعدة، فأقنع أحد قادة الانتفاضة ويدعى العازار بن يائير رفاقه بضرورة الانتحار بدلا من الاستسلام.
تقول الرواية الأسطورية أن قرعة جرت اختير من خلالها عشرة أشخاص قاموا بقتل جميع المتحصنين بالقلعة بما في ذلك النساء والأطفال، وعقب ذلك، باتفاق مسبق، قتل واحد من العشرة رفاقه ثم انتحر.
جرى البحث عن بقايا القلعة الأسطورية لعدة قرون، إلى أن اكتشف ما يعتقد أنها أساساتها في عام 1842، وجرى لاحقا بداية القرن الجاري ترميمها وإعادة بنائها.
وعلى الرغم من تشديد الخبراء الإسرائيليين على صحة ما جرى في قلعة “مسعدة” إلا أن الشكوك لا تزال تدور حول حقيقتها لسبب بسيط يتمثل في أن المصادر القديمة نقلت أحداثها بما في ذلك تفاصيل عملية الانتحار الجماعي عن امرأة وأمها وأطفالها كانوا قد اختبأوا في أحد الكهوف أثناء تلك الأحداث، وكانوا بعيدين عنها تماما.
المصدر: RT