كلامكم
يرى د. محمد أحداف، أستاذ العلوم الجنائية بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس وأستاذ زائر بالولايات المتحدة الأمريكية، أن ما رافق مباراة الأهلية لولوج مهنة المحاماة من جدل ونقاش في وسائل الإعلام الوطنية وشبكات التواصل الاجتماعي يعد أمرا غير مسبوق على الإطلاق في تاريخ المغرب الحديث، مشيرا بأن ما وقع يعبر عن وضع غير طبيعي وغير سوي يسيء الى مهنة المحاماة بالأساس، لأنه إذا صح ما يقال سوف يفتح المجال لولوج أشخاص لا يستحقون لمهنة المحاماة، كما أنه يدعو الى إعادة النظر في إسناد تدبير مثل هذه المباريات لوزارة العدل.
وشدد أحداف على أهمية فتح تحقيق في الموضوع لكشف حقيقة ما وقع، والتحقق من نتائج المباراة وفحص أوراق المباراة من طرف لجنة محايدة من الأكاديميين المغاربة الذين يتمتعون بالاستقلالية الإدارية والعلمية، مع ترتيب الجزاءات والآثار القانونية في حالة تبوث وجود شبهات.
وأشار أحداف أن ما وقع يسيء إلى المغرب من جهة، ويسيء الى مهنة المحاماة، وهو مسيء أكثر لوزارة العدل ويعطي صورة سلبية ونمطية عن تخيل المواطن المغربي والأجنبي بشأن تغلغل الفساد في دواليب الإدارة، مؤكدا خطورة الموضوع والذي يستدعي اتخاذ تدابير عاجلة من طرف رئيس الحكومة.
كيف تنظر الى السجال الدائر بشأن مباراة الأهلية لولوج امتحان المحاماة، وما رافق ذلك من طعون وحديث عن كون لائحة المقبولين ضمت أبناء شخصيات سياسية أو وزارية وأبناء محامين قدامى، فما مادى صحة ما يروج، وما هو المطلوب لزرع الثقة في مؤسسة المحاماة؟
أولا يجب تسجيل أن ما رافق إجراء هذه المباراة من جدل ونقاش في وسائل الإعلام الوطنية وفي شبكات التواصل الإجتماعي هو أمر غير مسبوق على الإطلاق، لم يسبق في تاريخ المغرب الحديث أن رافق تنظيم مباراة من المباريات في الوظيفة العمومية سواء تعلق الأمن بالأمن أو الدرك أو الموثقين وغيرها غليان اجتماعي مرفوق بنقاش عمومي، ولمن يسبق على الإطلاق أن عاينا دخول كثل برلمانية على الخط فيما يتعلق بهذا الموضوع، فبعضها يندد بما وقع، والبعض يطالب بتحفظ في فتح تحقيق، والآخر يطالب بإلغاء نتيجة المباراة، وأعتقد أن ما وقع يعبر عن وضع غير طبيعي وغير سوي يسيء الى مهنة المحاماة بالأساس، لأنه اذا صح ما يقال سوف يفتح المجال لأشخاص لا يستحقون لارتداء البدلة السوداء ويجدد المطالب بإبعاد وزارة العدل نهائيا عن تدبير مثل هذه المباريات وأن تسند إلى جهة محايدة، ولكن بالإجماع لا أعتقد أن كل من ناقش الموضوع هو على خطأ، حيث نوقش الموضوع من طرف الطبقة السياسية، ومن طرف الطبقة الإعلامية، ومن عموم الطلبة وعموم الفئات الشعبية، وأيضا من طرف الأكاديميين وأساتذة القانون الذين أدلوا بدلوهم والجميع يجمع على أن هذا الأمر ليس طبيعيا، وأنه لابد أن يؤدي الى فتح تحقيق في الموضوع من أجل الكشف عن الحقيقة إن كانت هناك حقيقة، والتحقق من نتائج المباراة وفحص أوراق المباراة، وأعتقد أن الجهة المخولة يجب أن تكون عبارة عن لجنة من الأكاديميين المغاربة الذين يتمتعون بالاستقلالية الإدارية والعلمية، ولما لا اذا كانت هناك شبهات ما أن تأمر النيابة العامة أو رئاسة النيابة العامة بفتح تحقيق ومع ترتيب الجزاءات والآثار القانونية في هذا الباب، مع ضرورة الإشارة الى إبعاد وزارة العدل ذات الصلة بهذه المباراة عن أية عملية لاحقة، وإجمالا أعتقد أن ما وقع يسيء الى المغرب من جهة، ويسيء الى مهنة المحاماة، وهو مسيء أكثر لوزارة العدل ويعطي صورة سلبية ونمطية عن تخيل المواطن المغربي والأجنبي بشان تغلغل الفساد في دواليب الإدارة والوزارة، ومن وجهة نظري فالموضوع خطير جدا ويقتضي اتخاذ تدابير عاجلة من طرف رئيس الحكومة من أجل تنوير الرأي العام واتخاذ ما يلزم من التدابير لإعادة الثقة الى عموم الطلبة وأسرهم في المغرب.
وكيف تنظر الى تصريح الوزير وهبي ردا على ما يروج من اتهامات وشبهات بخصوص نجاح ابنه في هذه المباراة، حيث قال بالحرف ” باه لباس عليه وخلص عليه في مونتريال..”، فما مادى مصداقية الشواهد التي تسلم للطلاب المغاربة من طرف المعاهد الأجنبية، ثم ألا يعد تصريح وهبي بمثابة رسالة لعموم المواطنين بأنه لا جدوى من التكوين في الجامعات العمومية ؟
لا يمكنني توصيف ما صرح به وزير العدل إلا على أساس كونه تصريح غير مسؤول ومستهتر ومستفز وجارح للشعور الجماعي للمغاربة على أكثر من مستوى، لا أعتقد أن وزير حكومة صاحب الجلالة يمكن ان يخاطب المغاربة بهذا الاستعلاء وبهذه الأنا المتضخمة الى حدود أنه يتبجح أمام وسائل الإعلام بأنه يملك الإمكانيات المادية لإرسال ابنه للدراسة في الخارج، وأنا كأكاديمي قضيت أكثر من 30 سنة في التدريس بكليات الحقوق بالمغرب، لا يمكنني إلا أن استهجن ما ورد في تصريحه غير المسؤول والذي يعطي انطباع بأن ما تسلمه الجامعات المغربية وكليات الحقوق من شواهد إجازات أو ماجستير أو دكتوراه لا تساوي شيئا ولا يمكنها أن تفتح لكم أبواب أية مهنة في المغرب، وأن من يرغب في ولوج هذه المهن عليه أن يحج إلى مونتريال، وهذا خطير جدا، اذا استحضرنا أن عاهل البلاد هو خريج الجامعة العمومية المغربية وكلنا نفتخر بأننا خريجي الجامعات العمومية ونفتخر بكون كل قضاة المملكة هم خريجي الجامعات العمومية، وعموم المحامون هم خريجو هذه الجامعات، وغيرها من المهن المساعدة للقضاء مثل خطة العدالة أو التوثيق العصري أو غيره، ليأتي شخص من موقع حكومي ليبخس كل المجهودات التي تقوم بها الدولة على أعلى مستوى من أجل إصلاح منظومة التعليم ورد الاعتبار الى التعليم العمومي والتعليم الوطني بالإجمال. أعتقد أن السيد الوزير لم يخنه الحظ بل خانه المنطق وربما خانه حسن التفكير، وشخصيا أنا الذي خبرت التدريس في كليات الحقوق في المغرب، كما خبرت كليات الحقوق في الولايات المتحدة الأمريكية يمكنني أن أقول لك بأنني لا أثق شخصيا في الشواهد التي تمنح بصفة عامة من المعاهد الكندية لأن هناك معاهد خاصة بالأداء تسلم الشواهد لمن أراد بالجملة وهي غير معترف بها في كندا، لذا أطلب من السيد الوزير في إطار التحدي أن ينشر صور من الإجازات التي حصل عليها ابنه لأنني نريد أن نعرف هل حصل عليها من الجامعات العمومية في كندا أم من المعاهد التي تتاجر في الشواهد العلمية، كما لا يمكنني أن أساير السيد الوزير بأن الحصول على 20/19 يخول الولوج للدراسات القانونية بكندا لأن طريقة تنقيط النظام الأنجلوسكسوني مختلفة تماما عن النظام الأوروبي والنظام المغربي، فهو يعتمد على تنقيط النظام الأمريكي بالحروف ( أ.ب.س.ج) ، وربما كان من الأفضل على السيد الوزير أن يلزم الصمت وأن لا يقحم عائلته أو ذاته أو أمواله أو ابنه في هذا النقاش العقيم، لأن الحملة التي تدور الآن في وسائط الشبكة العنكبوتية ، كلها تناقش هذا المستوى المتدني أخلاقيا وسياسيا، وقد كنت دائما أعتقد أن لكل حكومة أبطالها، فحكومتي بنكيران والعثماني ضمت وزراء راكمو الفضائح، وهذا الوزير أيضا يعد أحد أبرز رموز هذه الفضائح في حكومة عزيز أخنوش بدءا من فضيحة ” التقاشر ” وصولا الى فضيحة
” عندي الفلوس ” وربما يستحسن من أجل ضمان فعالية تماسك واحترام المغاربة لحكومتهم أن يغادر أمثال هؤلاء، بل ينبغي أيضا إعادة النظر في معايير الاستوزار، لأنه من غير المقبول أن تسند مسؤوليات على هذا القدر من الجسامة والمسؤولية الوطنية لأشخاص يستفزون المغاربة بكلمات جارحة، وكلمات ساقطة وفيها إهانة للمغاربة، بأنكم فقراء ولا تصلحون لمهنة المحاماة وأنكم لا تملكون من الإمكانيات ما يتيح لكم السفر الى كندا لجلب هذه الشواهد من أجل ولوج الوظيفة العمومية أو المهن الحرة وهذا أمر خطير جدا لأنه لا يستقيم مع المسؤوليات المنوطة بوزير في حكومة مسؤولة دستوريا أمام الملك وأمام البرلمان.