القنوات التلفزية الوطنية و الرداءة في الإنتاج

القنوات التلفزية الوطنية و الرداءة في الإنتاج

- ‎فيإعلام و تعليم, رأي
721
6

البدالي صافي الدين*

في ليلة رأس السنة تقدم القنوات التلفزية في العالم سهرات ممتعة تتميز بالجودة في الإخراج و الإنتاج و التنشيط و المستوى العالي لضيوف السهرة من فنانين ومبدعين ومفكرين و مسرحيين و كتاب ، فتشعر بالانتعاش الفكري و النفسي و الروحي و براحة القلب وتشعر بانصراف الكآبة عنك و عن محيطك . .بقضي المشاهدون و المشاهدات فترة من الفرجة بقدر ما طالت بقدر ما هي مريحة.
لكن حينما تولي وجهك شطر الرباط أو شطر الدار البيضاء حيث القنوات التلفزية المغربية (القناة الأولى والقناة الثانية) فإنك تشعر بالحكرة و بالاستهزاء على أبناء هذا الوطن الذين يترقبون إنتاجا متميزا في مستوى الشعب المغربي الذي يؤدي ضريبة الإعلام الرسمي . لقد عاش المغاربة ليلة رأس السنة سهرات القناتين من النوع الرديء على جميع المستويات أي النوع ” الطوطاوي” نسبة إلى “عفونات طوطو” و من معه الذين دخلوا به على بيوتنا دون احترام حرمة الأسر المغربية و العربية. و لم يجدوا من يحاسبهم على أفعالهم القبيحة . لقد كانت سهرة القناتين بمناسبة ليلة رأس السنة ( 2023) لها طعم مر ، بدءا من الشكل إلى المضمون . فالشكل يتجلى في الإخراج الذي كان يتسم بالتخلف و العشوائية في انتقاء المشاهد و الصور و طريقة استخدام الأضواء التي تعود الى الأزمنة الغابرة حيث لم تكن هناك البرمجيات” logicel ” في هذا الباب. وهذا يعود الى ضعف في الإبداع و البحث في مجال تطوير أداء هذه القنوات التلفزية رغم الأموال الطائلة المخصصة لها مما يوحي بأن هناك شبهة تبديد هذه الأموال و التي ما هي إلا أموال الشعب المغربي ، مما يتطلب محاسبة القائمين على الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة. أما على مستوى مضمون هذه السهرات فهو عبارة عن ” اخليلطة”، بالتعبير الشعبي لشيء لا طعم له ولا ذوق و لا لون ولا أصل، منشطون تائهون يتناطحون بالألفاظ حتى عادوا مملين و ضيوف من مغنين و مغنيات تغشى وجوههم كثرة المساحيق حتى عادت منفرة و يظهر عليهم و عليهن بؤس و سوء الإخراج و عشوائية في التنشيط . مما جعل السهرة مرهقة و مكلفة و ضارة بالمشاهد و المشاهدة و مضيعة للوقت . هل جفت البلاد من الفن الراقي و من التنشيط الثقافي الجيد و من الإبداع الفكري في مجال الاتصال و التواصل و التنشيط ؟ لا ثم لا، بل المغرب يزخر بالخيرات في هذه المجالات ، لكن أصحاب الشأن الثقافي و عبقرية رب الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة لهم رأي آخر ، إذ يسعون الى تمييع المشهد الثقافي والمشهد السمعي البصري و غرس الميوعة و الأخلاق الفاسدة في عقول شبابنا بعد المدرسة التي أصابها ما أصابها من تعليم فاشل. لقد أصبحنا نعيش حربا غير معلنة على الثقافة الهادفة و الفن الجاد و على المدرسة العمومية وعلى الأخلاق حتى أصبح يصدق علينا القول « إنما الأمم الأخلاق إن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا» . لقد عاش المغاربة مع الجامعة الملكية لكرة القدم أياما اتسمت بهدر المال العام مقابل نتائج مؤسفة حيث عمت المحسوبية و التطفل على التسيير المالي و التقني للجامعة حتى يئس المغاربة من أي فعل كروي يرفع الشان الوطني، لكن شاءت الإرادة السياسية في هذا الميدان ان يتولى شأن الجامعة الملكية لكرة القدم من هم أصحاب الحس الوطني الرفيع و أصحاب حنكة و كياسة و بعد النظر فكانت النتائج اكثر من مشرفة ، فنتائج مونديال قطر 2022 رفعت قيمة المغرب و المغاربة حتى عادوا موضع اهتمام عالمي، وأصبح المغرب معروفا أكثر مما مضى بفعل فريقه الوطني الذي استقطب الرأي العام الوطني و العالمي. فمتى يأتي ذلك القرار التاريخي الذي سيريح المغاربة من جبروت المسؤولين عن الشأن الثقافي و أرباب الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة؟
الى ان ياتي ذلك اليوم نتمنى سنة سعيدة للشعب المغربي و للفريق الوطني و الخزي و العار لمن يحاولون أن يجعلوا المغاربة يعيشون ظلمات الجهل و التخلف و التبعية لجهات تتغذى من الميوعة و ضرب الأخلاق .

* رئيس الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام جهة مراكش الجنوبية

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

واش في راس الوالي شوراق.. طابق زجاجي يطمس هوية مسجد ابْنِ صَلَاحٍ الذي شيد في القرن 14

تعليق/ محمد خالد عدسة / ف. الطرومبتي يعد