هذا هو سبب عدم وجود لاعبين سود في المنتخب الأرجنتيني

هذا هو سبب عدم وجود لاعبين سود في المنتخب الأرجنتيني

- ‎فيرأي, رياضة, في الواجهة
830
6

بقلم: جودي إدادا- كاتب كندي من أصول نيجيرية

بينما كنت أشاهد مباراة الأرجنتين وأيسلندا اليوم، تساءلت عن سبب عدم وجود لاعبين سود في المنتخب الأرجنتيني، في حين أن كل فرق أمريكا الجنوبية الأخرى فيها لاعبين سود ..!
تذكرت محادثة في العام الماضي عندما كنت في رحلة بحرية من ولاية فلوريدا الأمريكية إلى جزر كايمان الكبرى في منطقة البحر الكاريبي، وفيها تعرفت على طبيبة أرجنتينية وثلاثة من صديقاتها على ظهر السفينة ذلك اليوم.
حدثتني عن أشياء كثيرة، من ضمنها كيف أنها تحب الرجال السود وتتطلع إلى السفر حتى تتمكن من مقابلتهم.
سألتها : أليس لديكم سود في الأرجنتين ..!؟
قالت بصراحة: لا، منذ وقت طويل بعد العبودية قتلناهم جميعا..!
دُهِـشت، ابتسمت هيَ وواصلت:
هذا شئ سيئ ، أشعر بالخجل من بلدي، لقد كان القتل منهجياً للغاية؛ أولاً أجبروا معظم الرجال على القتال من أجل الأرجنتين ضد باراجواي، أرسلوهم عن دراية إلى معارك كانت سيئة التخطيط حتى يقتلهم الباراجويون، مات معظمهم هناك، أما الباقون فقد أجبروا على العيش في ولاية موبوءة بالأمراض ورفضوا إنشاء مستشفيات أو عيادات أو حتى مأوى مناسب لهم، تركوهم بلا أي شئ و خلقوا أفضل بيئة للمرض لتزدهر ..!
كلما كان الرجل أغمق اللون، كلما زادت فرصة إرساله للعيش في تلك الولاية الموبوءة بالأمراض أو إلى الحرب ليموت ..!
النساء السود أجبرنَ على النوم مع الرجال البيض لينتجوا أطفالا خـــُـلاسيين، ثم أجبروا الخلاسيات عندما كبرنَ للنوم مع الرجال البيض ليصبح سواد الجلد من الأطفال أكثر بياضا، حتى لم يعد هناك أي شخص أسود واضح ..!
كان الأمر سيئاً للغاية، هرب السود إلى تشيلي وبيرو وبوليفيا والبرازيل وحتى باراجواي، وتم التعامل معهم بشكل أفضل بالرغم من عدم معاملتهم بشكل جيد كما ينبغي معاملتهم كبشر يستحقون المساواة الكاملة. على الأقل لم يرغب هؤلاء في قتلهم مثلما فعلنا لهم بل قبلوا منحهم الحماية وسبل العيش.
في واقع الأمر في تشيلي كانت هناك مدينة تدعى “أريكا” قُبل فيها السود باحترام، حتى أنه عام ١٧٠٠ كان هناك رجلان أسودان حــُــرّان، أحدهما يدعى أنزوريز وقد انتخب عمدة للمدينة، لكن أساتذة الاستعمار البيض من إسبانيا جاءوا بعد ٦ أشهر وألغوا الانتخابات، خوفاً ان تمنح مدن أخرى السود حقوق كثيرة، لكن السود الذين وجدوا عونا لم يشتكوا إنما أَرسلوا للآخرين في الأرجنتين يحثونهم على الهرب للانضمام إليهم في تشيلي.
ثم صمتت كأنها تحاول إعادة ضخامة الجريمة في ذهنها مرة أخرى وقالت في نبرة حزينة:
الذين لم يقتلهم الأرجنتينيون من خلال إرسالهم للحرب أو تركهم للمرض والموت أو الاغتصاب والتلقيح هربوا من البلاد، وفي النهاية تخلصنا من السود تماما..!
ثم واصلت:
على الرغم أنهم ألغوا العبودية في الأرجنتين عام ١٨١٥، إلا أنها استمرت حتى عام ١٨٥٣، بعد ذلك كان الشغل الشاغل للقادة هو كيفية التخلص من العبيد السود وأحفادهم ..!
كتب الرئيس “دومينغو فاوستينو سارمينتو” الذي حكمنا ١٨٦٨ -١٨٧٤ بمذكراته عام ١٨٤٨ قبل تولي الرئاسة بوقت طويل وانتهاء العبودية ما يلي:
في الولايات المتحدة ٤ مليون اسود، وخلال ٢٠ سنة سيكونون ٨ مليون فما الذي يجب فعله مع هؤلاء السود..!؟
لقد كان يفكر فعلياً بكيفية القضاء على السود قبل أن يصبح رئيسا، وعندما أصبح رئيسا نجح في القضاء عليهم..!
سألتها: هل فعل العالم شيئا..!؟
قالت: لا؛ لقد تجاهلوا ذلك، أنا متأكدة أن معظمهم أرادوا فعل الشئ نفسه ولكنهم فشلوا في ذلك الوقت، أعجبوا بما حدث للسود في الأرجنتين لكنهم لم يستطيعوا فعله في بلدانهم .
أذكر عندما كنت اذهب إلى البرازيل كطفلة ، كان لأبي صديق برازيلي ينظر للبرازيليين السود باشمئزاز ويقول :
كان يجب أن يكون لدينا شجاعتكم في جعل البرازيل بيضاء مثل الأرجنتين..!
سألتها مرة أخرى: وماذا فعل الأوروبيون..؟
ضحكت وقالت: إنه سر مكشوف، تماما مثل الملك ” ليوبولد ” وإبادته الجماعية في الكونغو، لا أحد يتحدث عن ذلك، لكنهم جميعا يعرفون ما حدث، على الأقل كبار السن ..!
ثم باغتتني بسؤال: لماذا تعتقد أن كل النازيين جاؤوا إلى الأرجنتين بعد الحرب العالمية الثانية..!؟
لم أرد وبقيت صامتا..!
واصلت: لأنه كان المكان المثالي لأعظم العنصريين الشريرين في التاريخ ليعيشوا..!
ثم نظرت للبحر الأزرق المترامي بلا حدود حول السفينة وتنهدت بصوت مسموع قبل أن تستمر:
مؤسف أن الأرجنتين لا تزال ترحب بالكراهية العنصرية وتستوعبها، أخذنا التانغو من العبيد الأفارقة وجعلناها ملكنا، لن يخبرك شخص واحد بالتاريخ الحقيقي لتلك الرقصة، في الواقع إذا سألتهم عن السود في الأرجنتين سيخبرونك أنه لم يكن هناك أشخاص سود في الأرجنتين، هكذا يعلمونهم في المدارس، يعيدون كتابة التاريخ ليجعلوه أبيض اللون..!
وكما أخبرتك، كل ذلك تحت السطح، فهم لا يخرجون أبدا ويقولوا إننا نكره السود والأرجنتين هي فقط للبيض أو أي شيء من هذا، لكنهم تخلصوا منهم ليجعلوا البلاد بيضاء..!
نظرتُ إلى صديقاتها الأرجنتينيات وكنَّ يستلقين على كراسي على سطح السفينة، يرتدين “بيكينيات” صغيرة ويشربن “كولاديا بينا” ويبتسمن.
تابعت هي نظرتي إلى صديقاتها ثم تحولت إليَّ قائلة: لا تنخدع بكل تلك الابتسامات، أخدش السطح وسترى أن كل ما يريدوه هو أن تختفي..!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا أعتقد أني وأغلب الناس نعرف شيئا ولو قليلا جدا عن هذا الموضوع في الأرجنتين التي كانت محتلة من قبل الأسبان، ولكن حفــَّــزني هذا المقال لأبحث عن صورة لمنتخب الأرجنتين في البطولة الحالية.

Facebook Comments

يمكنك ايضا ان تقرأ

قضية “الفساد الانتخابي” المتابع فيها الحيداوي.. محكمة آسفي تُحدد 29 أبريل الجاري للنطق بالحكم

  حددت المحكمة الابتدائية في آسفي أول أمس