بقلم اعتماد سلام
بعد أربعة وثمانين عاما من البث، أعلنت بي بي سي عن توقف البث الإذاعي باللغة العربية.
خبر حزين لحوالي 400 موظف في الخدمة العالمية للشبكة البريطانية سيفقدون وظائفهم كجزء من برنامج لخفض التكاليف والانتقال إلى المنصات الرقمية بعدما أوقفت المؤسسة البريطانية البث بلغات أخرى إضافة إلى العربية.
لكنه أيضا، خبر حزين للإعلام الناطق بالعربية وللمستمعين العرب عبر العالم ممن رافقتهم بي بي سي عربية خلال فترات طويلة من حياتهم.
كثيرون تذكرهم الإذاعة بطفولتهم أو والديهم ومن سبقوهم، ممن فتحوا أعينهم عليهم وهم يستمعون إلى نشراتها وبرامجها في طقس يومي ضروري يكاد يكون مقدسا.
وكثيرون تذكرهم الإذاعة بلحظات فارقة في التاريخ تابعوا تفاصيلها عبر أثيرها، وآخرون غرست فيهم الإذاعة ذاتها أولى بذور الوعي والاكتشاف، كما كانت سببا في شغف إذاعي وإعلامي لعدد آخر ممن تابعوا مذيعيها وصحافييها المرموقين الذين صارت بفضلهم المحطة مدرسة كبيرة في الإعلام والصحافة بينهم محمد الأزرق وماجد سرحان ورشاد رمضان وعلي أسعد وإسماعيل طه وغيرهم.
مستمع مغربي يتذكر أنه عندما كان طفلا كان يصعد سطح البيت ليتمكن من التقاط البث، وآخر لازال يحتفظ بكتب وصلته من الإذاعة التي كان يراسلها باستمرار، وثالث لازال يتذكر صدى صوت ساعة بيغ بن عبر الراديو خلال الثمانينيات.
لكل قصته وحكايته مع بي بي سي مثلما لكل قصته وحكايته مع الكواكب، تلك المجلة “الظاهرة” التي تجلت فيها رؤية وتفرد الأديب والمؤرخ والصحافي جورجي زيدان مؤسس دار الهلال أقدم المؤسسات الثقافية والصحافية في مصر، وهي الدار الناشرة للمجلة التي أصبحت أشهر وأهم مجلات الفن والسينما والمسرح وعبر صفحاتها تعرف الجمهور على الرعيل الأول لنجوم وكواكب الفن.
المجلة العريقة كتبت شهادة وفاتها في ماي الماضي بعد تسعين عاما من الصدور في سياق التوجه المدفوع بارتفاع تكاليف الطباعة نحو رقمنة الصحف مع دمج العديد من المؤسسات في بعضها البعض، وهكذا تم دمج الكواكب ومجلة طبيبك الخاص في مجلة حواء دون أن يشفع لها تاريخها المجيد ولا كتابة الكبار عبر صفحاتها من أمثال محمود عباس العقاد ومحمد عبد الوهاب ولا أرشيفها الضخم الذي يوثق للفن والإبداع في مصر والعالم العربي.
البي بي سي والكواكب حالتان إعلاميتان جميلتان ومتفردتان نودعهما بكل حزن، لكن ما يحزن أكثر هو أن الأمر لن يتوقف هنا!
#رسائل_طنجة