محمد الشرقاوي
أصبح التلويح باتفاق أبراهام والعلاقات المغربية الإسرائيلية بمثابة لازمة شعرية جوفاء في سير الحوار الدبلوماسي المغربي الأمريكي. وغدا حرص الرباط على التذكير بمودة تل أبيب تزلّفا إلى واشنطن كمن ينفخ في قِربة مثقوبة أو يعزف على غيطة مكسورة. لم يعد هذا الإيقاع يثير حماسة المسؤولين الأمريكيين لا الديمقراطيين ولا الجمهوريين، لا المسيحيين ولا اليهود، ومنهم نائبة وزير الخارجية ويندي شيرمان. وينبغي أن يتأمّل المرء حديثها خلال مؤتمرها الصحفي المشترك في الرباط، مما يثير استفهاما عن الجدوى من التمسك ب”بطولات” مرتقبة من اللوبي اليهودي في أمريكا، وانتظار أن تصنع إسرائيل “إنجازًا” للمغرب في واشنطن السياسية.
يبدو أن دبلوماسية الرباط استعذبت المقام والاحتماء في كهف إسرائيل بماضوية الجمود في ديسمبر 2020، والتعبّد في مقولة أن الإعلان الرئاسي لدونالد ترمب يجسد “اعتراف القرن”، وأنه سيقلب ميزان القوة في مجلس الأمن وبقية المنصات الدبلوماسية الدولية، ناهيك عن انتظار استثمارات السبعة مليارات دولار التي لوّح بها البعض للترويج للتطبيع مع إسرائيل.
على غرار تصريحات سابقة لوزير الخارجية بلينكن والمتحدثين باسم البيت الأبيض ووزارته في واشنطن، وقفت نائبته ويندي شيرمان هذه المرة في معقل الدبلوماسية المغربية تحدد مقومات الموقف الأمريكي من صراع الصحراء، وهي ثلاثة أضلاع رئيسية:
* تأييد المساعي الدولية في الأمم المتحدة كما الحال منذ عام 1991 عقب نشر بعثة المينورسو في المنطقة، وإن كانت البعثة الأمريكية هي “صاحبة القلم” pen holder في صياغة مشاريع القرارات السنوية التي يتخذها مجلس الأمن الدولي؛
* تزكية الدور الجديد للمبعوث الدولي ستافان دي ميستورا، والأمل في إنعاش العملية السياسية عبر الأمم المتحدة؛
* واعتبار مبادرة الحكم الذاتي المغربية “جادة وذات مصداقية وواقعية، وهي مقاربة محتملة لتلبية تطلعات شعب الصحراء الغربية”، كما جاء في بيان الخارجية الأمريكية (النص الأصلي والترجمة أسفله).
في حديث السيدة شيرمان بشكل متعمد عن الحرب الروسية على أوكرانيا في الرباط أكثر من مغزى، وتذكير بما يترقبه الحلفاء من أصدقائهم في الأوقات العصيبة. لكن غياب المغرب عن تصويت جلسة الجمعية العامة ينقلب إلى خسارة مضاعفة مع كلا الطرفين: البيت الأبيض والكرملين. والاجتهادات التي تلوّح بأنه كان موقفا “حكيما” أو “مبدعا” لا تستند إلى معرفة واقعية أو تقدير موضوعي لموازين القوة في العلاقات الدولية. عندما تشتعل أخطر أزمة دولية في العالم بالغزو الروسي لأوكرانيا، تختار دبلوماسية الرباط التغييب الذاتي من الجمعية العامة، وتخرج عن سياق الخيارات الثلاثة المتعارف عليها منذ تأسيس الأمم المتحدة: التصويت بتأييد مشروع القرار، أو معارضته، أو الامتناع عن التصويت.
فيما يلي ترجمة بيان وزارة الخارجية الأمريكية:
“التقت نائبة وزير الخارجية ويندي شيرمان اليوم بوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في الرباط. وناقشا سبل تعزيز العلاقات الثنائية طويلة الأمد بين الولايات المتحدة والمغرب، بما فيها المصالح المشتركة في السلام والأمن والازدهار الإقليمي. كما ناقشت نائبة وزير الخارجية ووزير الخارجية التطورات الدولية، بما فيها حرب بوتين المتعمدة وغير المبررة على أوكرانيا. وأعربا عن دعمهما القوي للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستافان دي ميستورا، الذي يسعى لتنشيط العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة في الصحراء الغربية. وأشارت نائبة الوزير إلى أننا ما زلنا ننظر إلى خطة الحكم الذاتي المغربية على أنها جادة وذات مصداقية وواقعية، وهي مقاربة محتملة لتلبية تطلعات شعب الصحراء الغربية. كما ناقشت نائبة وزير الخارجية ووزير الخارجية أهمية حماية حقوق الإنسان، بما فيها حرية التعبير، بناءً على الحوار المثمر بين الولايات المتحدة والمغرب في سبتمبر 2021 حول حقوق الإنسان.”
Original text:
Deputy Secretary of State Wendy Sherman met today with Moroccan Foreign Minister Nasser Bourita in Rabat. Deputy Secretary Sherman and Foreign Minister Bourita discussed ways to further enhance the long-standing bilateral relationship between the United States and Morocco, including shared interests in regional peace, security and prosperity. The Deputy Secretary and Foreign Minister also discussed international developments, including Putin’s premeditated, unprovoked and unjustified war on Ukraine. The Deputy Secretary and the Foreign Minister expressed strong support for the United Nations Personal Envoy of the Secretary-General Staffan de Mistura, who is seeking to reinvigorate the UN-led political process for Western Sahara. The Deputy Secretary noted that we continue to view Morocco’s autonomy plan as serious, credible, and realistic, and a potential approach to satisfy the aspirations of the people of Western Sahara. The Deputy Secretary and Foreign Minister also discussed the importance of protecting human rights, including freedom of expression, building on the productive September 2021 U.S.-Morocco dialogue on human rights.
منقول من صفحة الكاتب بالفايس بوك