المصدر: أ.ف.ب تونس
أظهرت تسجيلات صوتية نشرتها قناة «بي بي سي» البريطانية اليوم الجمعة أن الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي الذي أطاحت انتفاضة شعبية نظامه كان يرغب في العودة إلى بلاده
وتزامن نشر التسجيلات المنسوبة لابن علي ومسؤولين بارزين في نظامه ومقربين منه، مع مرور 11 عاماً على ذكرى الإطاحة به في 14 يناير 2011 بعد 23 عاماً قضاها على رأس السلطة
وأكدت «بي بي سي» أنها دققت في التسجيلات وعرضتها على «خبراء صوت لتحليلها والتحقق من صدقيتها. ولم يعثر الخبراء على أي دليل على حدوث أي تلاعب أو عبث فيها»
ويظهر التسجيل الصوتي المنسوب لابن علي أنه كان يتحدث مع أحد أقربائه يوم 13 ديسمبر 2010 بعد أن ألقى خطاباً للشعب
والمقرب منه هو رجل الأعمال المعروف طارق بن عمار الذي هنأه بخطابه وأجابه ابن علي بأنه يفتقر إلى الطلاقة
أما التسجيلات الأخرى فتعود إلى 14 يناير 2011 حين كان ابن علي في الطائرة مع أفراد من عائلته وتحدث فيها مع وزير الدفاع آنذاك رضا قريرة وقائد أركان جيش البر رشيد عمار وشخص مقرب آخر يدعى كمال اللطيف
ويُعلم قريرة الرئيس السابق بأن الوزير الأول محمد الغنوشي «تولى الرئاسة مؤقتاً» ويرد عليه ابن علي «سأعود بعد ساعات»
كما يمكن سماع ابن علي في تسجيل آخر يهاتف شخصاً آخر وهو كمال اللطيف ويطلب منه «هل تنصحني بالعودة الآن أم لا؟» ويجيب اللطيف «لا، لا، لا، الوضع يتغير بسرعة والجيش لا يكفي»
اتصل بن علي بمن نعتقد أنه قائد الجيش، الجنرال رشيد عمار. ولكن يبدو أن عمار لا يتعرف على صوته، مما حدا ببن علي أن يقول له: “أنا الرئيس”.
طمأنه عمار بأن “كل شيء على ما يرام”.
ومرة أخرى، طرح بن علي على عمار نفس السؤال الذي طرحه على لطيف: هل يجب أن يعود إلى تونس الآن؟ يخبره قائد الجيش أنه من الأفضل له “الانتظار بعض الوقت”.
وقال عمار لبن علي: “عندما نرى أنه يمكنك العودة، سنخبرك، سيدي الرئيس”.
اتصل بن علي بوزير دفاعه مرة أخرى، وسأله مرة أخرى عما إذا كان يجب أن يعود إلى تونس، ولكن قريرة كان أكثر صراحة هذه المرة، إذ قال لبن علي إنه “لا يمكنه ضمان سلامته” إذا فعل ذلك.
وبعد منتصف الليل بقليل، هبطت طائرة الرئيس بن علي في جدة بالمملكة العربية السعودية.
وأمر الرئيس التونسي الطيار بالاستعداد لرحلة العودة، نقل بعدها وأفراد أسرته إلى قصر ضيافة الملك فيصل في جدة.
ولكن الطيار عصى الأمر، إذ ترك بن علي وعاد أدراجه إلى تونس.
واتصل بن علي بوزير دفاعه مرة أخرى صباح اليوم التالي. وفي تلك المكالمة، اعترف له قريرة بأن الحكومة فقدت السيطرة على ما يحدث في الشوارع، وأخبر بن علي أن ثمة أقاويل عن حدوث انقلاب، ولكن بن علي رفض ذلك معتبرا هذه الأقاويل من عمل “الإسلاميين” حسب تعبيره، وذلك قبل أن يعود للحديث عن عودته إلى تونس.
وتطرق بن علي مرة أخرى إلى موضوع عودته، ولكن قريرة بدا وكأنه يحاول التحدث مع رئيسه بمنتهى الصراحة هذه المرة، إذ قال له: “يسود الشارع غضب لا أستطيع وصفه”. وبدا حريصا على أن يكون واضحا مع الرئيس، وأضاف: “أقول لكم ذلك لكي لا تقولوا إني ضللتكم، ولكن القرار لكم”.
ويحاول بن علي الدفاع عن سمعته بالقول: “ماذا فعلت للشارع [أو للجمهور]؟ لقد خدمته”.
ولكن قريرة قال له: “أنا أطلعكم على الموقف، وهذا ليس تفسيرا”.
وفي غضون ساعات، شُكلت حكومة جديدة في تونس احتفظ فيها العديد من الوزراء السابقين بمناصبهم، بمن فيهم قريرة.
أما بن علي، فلم تكتب له العودة إلى تونس أبدا، إذ بقي في المملكة العربية السعودية حتى وفاته في عام 2019.