كلامكم
هل عجزت السلطات المحلية ام تواطأت في استنبات الفوضى المنتجة للمال على حساب القيم وراحة وسكينة السكان ؟ سؤال يجد مشروعيته حين تقابل شكايات السكان بالتجاهل، لتعم الفوضى بشكل متواثر ، ويستمر كل هذا من الصباح وباشكال أكثر حدة بعد العصر والى حدود منتصف الليل. ويجد السؤال مشروعية أكثر حين يكون المكان قرب مسجد ،ومقر للسلطة ومدرسة خصوصية ، وكلها أماكن يقصدها الناس ويجدون صعوبة في بلوغها .
اصبح الكل يعلم ان شارع الداخلة بحي المسيرة ،تحول إلى بؤرة تجارية مربحة وهذا شيئ مهم، ولكن ان يكون على حساب المواطنات والمواطنين وراحتهم وجمالية المدينة ،والقانون ، فهذا مرفوض وغير مقبول.
لن اتحدث عن شارع الداخلة، وساتطرق فقد الى الطريق المؤي من شارع الداخلة، الى مقر الدائرة الأمنية رقم 11 والملحقة الادارية الحي الحسني،
اهم سمات الشارع الذي يفصل بين اقامات للسكن الاجتماعي ،اقامات تانسيفت يمينا ، اقامات الحارثي يسارا ، والطبع هناك ممر اخر ومسجد المسيرة الكبير “مسجد تححيت ” .
لقد اصبح من المعيب جلوس الآباء مع ابناءهم بشكل طبيعي، أو مراجعة الآباء مع أبنائهم دروسهم المدرسية ؛ نظرا للصراخ والكلام النابي وغير المقبول الذي يملا فضاء الشقق الضيقة اصلا.
اما حركة المرور والسير فتنقطع في الشارع عبر تغيير الاتجاه، أو يتم المرور بالسيارة تحت وابل من السب والشتم، وكان الشارع والطريق العمومي اصبحا ملكا مشاعا خالصا.
نعم الملك العام والطريق العمومي لم يعد لهما وجود ، إذ ان ممر الراجلين على ضفتي الشارع دائما المؤدي لمقر الملحقة الادارية ، اقول ممرات الراجلين غير متوفرة، كما ان الدكاكين أضافت أجزاء من الملك العمومي لصالحها ،واصبحت بقوة الواقع استغلالا مشروعا بمباركة السلطات المحلية والمنتخبة. اضافة الى توسع الدكاكين،عن طريق كراء الفراشة للجزء المتبقي من واجهة الدكاكين للوصول إلى الطريق. مما نتج عنه احتلال للطريق العمومي ،من الجهتين بشكل منظم عبر شبكة اصبحت قادرة على التحكم في العملية. فليس من السهل ان تكون فراشا أو بائعا جائلا، فهناك مواصفات ودفتر تحملات وجب احترامه، بدءا من شراء البلاصة ، والأداء اليومي ، والتوفر على إمكانيات أخرى لا داعي لذكرها ، كل هذا تشرف عليه لوبيات ويتم تحت أنظار السلطات المنتخبة والادارية، فيوميا هناك سيارتين أو على الأقل سيارة للقوة المساعدة تجوب المكان وترابط بأحد الأماكن امام استغراب المارة. كما ان المكان يعرف تواجدا مكثفا في لحظات الذروة لاعوان السلطة ومساعديهم ، وللأشخاص لا يحملون اية صفة ادارية ، ويعتقد انهم مكلفين بمهام قذرة ومعروفة.
الشارع المعني ومحيط مسجد تححيت وإحدى المدارس الخاصة ، لا يعرف فقط عرقة السير ومنعه ، واحتلال مكان موقف حافلات النقل الحضري حتى اصبح الركوب في الحافلة من المحطة عند نهاية اقامات تانسيفت شبه مستحيل ، فمجرد وقوف الحافلة في وسط الطريق ترتفع منبهات السيارات من ورائها، وترتفع أصوات الباعة بالسب ومطالبة السائق بالتحرك ، ويجد الركاب صعوبة في الوصول إلى الحافلة نظرا للموانع المشكلة من العربات والفراشة ، اضافة الى الصراغ والكلام النابي والساقط، والسرقة والنشل، والويل لكل راكب سيارة أو راجل احتج أو حاول ذلك على قطع الطريق أو طالب لتسهيل عملية المرور والجولان.
كما ان الوعيد يطال السكان الذين ينبهون الباعة عبر نوافذ شققهم، باحترام الناس. لقد اصبح الأمر لا يطاق والناس تخشى على نفسها من تغول مافيا تسيطر على المكان.
والأخطر هو وجود العربات المجرورة بالذواب ، وما تخلفه هذه الاخيرة من روث وفضلات ، اصبحت تلج المنازل اذا لم يقم السكان بالتنظيف عند دخول منازلهم. وحسب المعدل اليومي فالعربات المجرورة بالذواب تصل إلى 14 عربة مجرورة بالذواب ، أما تريبورتورات فباعداد أكثر، اضافة الى العربات اليدوية.
بهذا تحول جزء من حي المسيرة الذي كان يحترم معايير السكن في شروطها الدنيا والمتوسطة، إلى سوق أسبوعي مليئ بالعربات المجرورة بالدواب ، وساكنته تتنفس روائح روث البغال والجياد والحمير ،
ناهيك عن تضرر البيئة نتيجة الاجهاز على حديقة المسجد، وتراكم الإزبال والنفايات الصلبة من مخلفات الخضر والفواكه والبقول وغيرها ، مما يجعل عمال النظافة يبذلون مجهودات أكثرلتنظيف الامكنة، قبل ان تعود نفس الممارسات والسلوكات التي أصبحت من الطقوس العادية والمألوفة، لذى السكان رغم استهجانهم لها وتذمرهم منها ، لقد تحول المكان بفضل تغوط البهائم وروثها الى زريبة تنبعث منها روائح تثير وتهيج الحساسية والأمراض المرتبطة بها.
يحدث هذا امام أنظار كل السلطات المنتخبة والادارية المفروض فيها حماية الملك العمومي وضمان السير والجولان ، وتوفير الشروط المناسبة والملائمة للسكن اللائق ، واحترام الحق في البيئة السليمة والأمان والأمن الشخصي والمجتمعي ، والحرص على عدم ازعاج الأسر والساكنة.
يحدث كل هذا ويمكن التأكد منه من طرف السيدة قائدة الملحقة الادارية بإطلالة من شرفة مكتبها ، أو عبراعوان السلطة، لتقف بأم عينيها على معاناة السكان ومدى الاضرار التي تلحقهم،بسبب هذه الاوضاع الشاذة.
وهناك مظهر اخر لا يمكن تفسيره ، وجود موقف عشوائي للدراجات والسيارات والشاحنات والعربات اليدوية ، خلف مقر نفس الملحقة الادارية وبالضبط امام محطة المصلحة التقنية لاتصالات المغرب.
ان اثارة الموضوع هدفه التدخل من طرف اعلى سلطة ادارية بالمدينة، لان الجهات المحلية عجزت عن ذلك بل تتذرع بأن المطلوب هو تدخل الشرطة الحضرية .
فالحديث عن تساهل السلطات الإدارية وعدم تدخلها ، لا يلغي مسؤولية المجلس المنتخب الذي يبدو أنه أهمل المدينة وترك تدبير الفضاء العمومي للعشوائية ،ليرفع من معاناة السكان ، ويساهم بشكل كبير في ترييف المدينة وتلويثها وجعلها لا تطاق.
لقد اصبحت الساحات المحادية للمساجد في أغلب إحياء المسيرة ، مصدر ازعاج للسكان وأسواق عشوائية تنبث كما تنبث الفطريات ،
هل عجزت المجالس على توفير أماكن قارة وصالحة تسمح للفراشة والباعة الجائلين ،من كسب كونهم اليومي بكرامة؟ وبما يصون حقهم في العيش الكريم ودون خلق متاعب للسكان؟ لا أعتقد ذلك فالمجالس لم يعد يهمها جمالية المدينة، والترخيص من عدمه لفتح دكان، ولا يهمها الاستغلال المؤقت للملك العمومي ، أو الاستغلال القسري للملك العمومي ، بل كراء جزء من الملك العمومي، مادامت تعلن الوعود دون تنفيذ، وبالتالي فغالبا ما تلجأ إلى مقولة ” وكم حاجة قضيناها بتركها”
عموما يبدو أن المؤسسات سواء الادارية أو المنتخبة لها مشاغل وأولويات ،وأجندات غير تلك المتعلقةبقضايا المواطنات والمواطنين والمصلحة العامة، والالتفات الى معاناتهم ومشاكلهم ،ومعالجتها بطرق تراعي وتستحضر كل حقوق المواطنة للجميع، وبما لا يتعارض والحق في السكن اللائق ،وحق السكن في بيئة سليمة ليس فقط بيئة المكان ، ولكن بيئة السمع الخالي من الضجيج والصراخ والكلام المخل بكل الاخلاقيات والقيم، كما أنه وجب حفظ كرامة الباعة وتوفير أماكن لمزاولة حرفهم بعيدا عن اساليب الابتزازوالمتاجرة في المآسي.
اعتقد ان هذا ممكن اذا توفرت الارادة، ولا زلت اتذكر قولة احد الولاة بمراكش حين قال ما معناه ، “ان البناء غير اللائق سيبقى مشكلة قائمة بالمدينة واحوازها، وستتبعه عمليات الهدم والتعويض الى ما لانهاية، اذا لم يتم استئصال تدخل السماسرة،والوسطاء واللوبيات المتاجرة في ذلك وهي معروفة لدى الجميع ….”
*مواطن غيور انهكه التشكي للسلطتين الادارية والمنتخبة، لم يبق له سوى اللجوء للقضاء: ضد رئاسة المجلس الجماعي،
والسلطة المحلية، من اجل رفع الضررالناتج عن التقصير في انفاذ القانون.