بعد اقتراح فعاليات ثقافية واكاديمية للشاعرة مالكة العاصمي كوزيرة للثقافة في حكومة أخنوش..هذا تعقيب العاصمي على نبض المشهد الثقافي الوطني :

بعد اقتراح فعاليات ثقافية واكاديمية للشاعرة مالكة العاصمي كوزيرة للثقافة في حكومة أخنوش..هذا تعقيب العاصمي على نبض المشهد الثقافي الوطني :

- ‎فيفي الواجهة
240
0

بقلم : مالكة العاصمي 

أولا أشكر إخواني انطلاقا من الأستاذ الشاعر عبد الناصر لقاح والدكتورالشاعر مصطفي الشليح وغيرهم الذين أحسنوا بي الظن، واللذين منواقترحوني لمنصب هام، وأشكر كذلك اللذين لم يروا في الأهلية لهذه المهمة، ما يعني حرص كل من الطرفين على مستقبل البلاد ومستقبل الثقافة وهذا موقف مهم لكل من رأيين معا جمع تقديرهما مصلحة الوطن.
فقط فات الأوان بالنسبة لي على هذا المنصب أو غيره وقد كنت أحرص عليه فيما قبل وأعمل من أجله، لسبب واحد، أنني قبل أن أكون شاعرة كنت صاحبة مشروع وبرنامج ومخطط وطني نهضوي كبير، فقد ولدت في هذا الذي يمكن أن يسميه البعض (مستنقع) أو بحر النضال الوطني الذي لا يدخر لنفسه شيئا، فانغمست فيه. وقد تدرجت في كل التنظيمات وتلقيت التكوين العام السياسي الميداني التنظيمي التسييري من الحضانة ومؤسسات التأطير الحزبي والتحقت منذ الستينيات بأول مجلس وطني لحزب عتيد، وباللجنة المركزية، وتأخرت في الالتحاق باللجنة التنفيذية حتي التسعينيات وكان حقي أن أكون أول ملتحقة بها لكوني أنا من طرحت الموضوع وناضلت من أجله. كما تأخر التحاقي بالبرلمان وكان حقي أن أكون أول ملتحقة بالبرلمان في بدايته لأنني أنا من طرحت الموضوع وناضلت من أجله، وكان يجب أن أكون أول وزيرة في الحكومة المغربية لأنني أنا من طرحت هذا الموضوع وناضلت من أجله. وكان يجب أن أكون أول عمدة لمدينة مغربية لكوني أنا من ناضلت من أجل ذلك ومن كنت مؤهلة لهذا المنصب أكثر من أي واحد كما هو الشأن في كل الحالات التي ذكرتها والتي لم أذكرها وهي كثيرة جدا.
لم أحصل على هذه الفرص ولم أنزعج أبدا من ذلك، رغم تفويت مستحقاتي للغير عندما وقعت الاستجابة لها. كنت حريصة أن أنجز بها مهاما وطنية عليا. كما أنها مستحقات لي فوتت للغير في التحليل الطبيعي للأشياء، وليست منحا من أحد ولا بمساعدة أحد.
لكن ربما كان في ذلك خير، وأنا مرتاحة الآن كما كنت مرتاحة من قبل، فالظلم أحد مكونات الحياة، لم أكن أنزعج منه، بل أسامح وأتجاوز.
كنت أريد هذه المناصب لأن لدي مشروعا وبرنامجا وخبرة وإرادة لتنفيد مخططات معينة واضحة رهنت نفسي للعمل من أجلها وضحيت كثيرا بنفسي وعملي وأسرتي لأنفذها لصالح الوطن والمواطن.
لم أحقق ما ناضلت من أجله وهي سنة التاريخ. وأعتبر أنني أديت واجبي ومهمتي كاملة حتى بالمحاولة (فمن اجتهد وأصاب فله أجران ومن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد) كما ورد في الحديث.
أما الآن فلن أتولى أي منصب بكل تأكيد حتى لو أكرهت على ذلك، فقد فات أوان المناصب وانتهى الأمر ولا عودة لما فات.
حينها كنت أضع وزارة التعليم في أولوياتي وأعتبرها مفتاح التنمية الشاملة الثقافية الاقتصادية الاجتماعية…وما زلت، ولي فيها تجربة واسعة من الابتدائي إلى العالي مرورا بالإعدادي والثانوي والتقني. ثم الجماعات المحلية في المرتبة الثانية اعتبرها مفتاح التنمية المحلية الثقافية الاقتصادية الاجتماعية …ثم وزارة المرأة والطفولة والأسرة والشباب؛ البنيات التحتية للتنمية الثقافية الاقتصادية الاجتماعية. ولا أخفيكم أنني كنت أضع أمام إخواني وزراء الثقافة في البرلمان برامج عمل وأغرقهم بالمقترحات والانتقادات. إسألوا الأستاذ بنسالم حميش والأستاذ الأشعري….كما أغرق غيرهم بمقترحاتي ومشاريعي وانتقاداتي…وذلك أضعف الإيمان.
هناك مسألة أخرى هامة تتعلق بأهليتي الإدارية كما جاء في تعاليق البعض ممن لا يعرفون أنني كنت أول منتخبة في المغرب ونائبة رئيس بلدية مراكش الكبرى وتنازلت طوعا عن منصب نائبة الرئيس وكنت لمدة 16 سنة كمكلفة نائبة الرئيس بالتعليم والثقافة والصحة والرياضة، كنت كذلك رئيسة مقاطعة، وكلها مناصب إدارية بظروفها المختلفة، أنجزت بكل منها في شروط مكبلة برامج ومخططات التنمية الاجتماعية الاقتصادية الثقافية في قطاعات متعددة.
كذلك شغلت منصب مديرة لمؤسسة ثانوية أسستها من الصفر وتضم 3000 تلميذة تغطي من أم الربيع حتى الصحراء وبها قسم داخلي يضم 300 تلميذة مقيمة، كما تضم مختلف الشعب العلمية والأدبية وكنت موضوعة في فوهة بركان إداريا وسياسيا بسبب انتمائي السياسي وشخصيتي الخاصة. لكنني استطعت أن أنهض بتلك المهمة بأنبل ما حققته مؤسسة تعليمية. وغادرتها بأعلى النتائج على المستوى الوطني وأبهى الأحوال وأهم المقتنيات والمكتسبات وأعلى المدخرات في ميزانيتها.
لم تكن المناصب هدفي في ذاتها، فقد تنازلت عن منصبي الجماعي، ولعبت أدوارا مركزية في تاريخ اتحاد كتاب المغرب وترسيخ مكانته وقوته وهيبته وطنيا ومحليا وانسحبت، لم أطالب يوما بمنصب مهما كان ولا حق فأحرى امتياز في أي من المناصب التي تقلبت فيها.
أتحدث اليوم عن كل تلك التواريخ والأحداث و(شيوخ الحارة) كلهم على قيد الحياة إذ نقول في المثل المغربي: (ما يتفخموا الفخاّمَة حتى يموتوا شيوخ الحارة).
أنا شاعرة وأعتز كثيرا أن ينسى الناس والمثقفون نضالاتي المتعددة السياسية الاجتماعية الاقتصادية الثقافية وغيرها كثير مما ليس هذا بابه.
أعتز أن الجميع يتحدث عني شاعرة ويقدمني شاعرة رغم كل هذا الركام المتضخم من النضالات والخبرات والتجارب. وهذا يعني مكانة الشعر في وجدان الساسة وفي وجدان المجتمع بكافة مكوناته. علينا أن نفتخر بالشعر والشعراء، هذا يؤكد أن الشعر هو ما يبقى ويدوم ويخلد بينما ينتهي الباقي ويتبدد..
أنا شاعرة اليوم بعد كل ما انفقته من وقت وجهد وتضحيات غير معروفة كما يعرف الشعر، رغم أن الشعر سرق لنفسه القليل والقليل جدا من وقتي وتجربتي، بينما خصصت حياتي المركزية للناس والوطن والقليل لأبنائي، ما يعني أننا يجب أن نلتفت للشعر، إنه قيمة عليا، تعوضنا وتفيض عن كل الخسارات الأخرى إذا اعتبرت خسارات. أنا شخصيا لا أعتبرها خسارات ولكنها صراعات في التاريخ ودورته ودولته من باب الحكمة الإنسانية العليا التي تقول: (غرسوا فأكلنا ونغرس فياكلون)، فالثروات منذ الأزل يبنيها الآباء ليستفيد منها ويرثها الأبناء والأجيال الموالية والتاريخ والمستقبل.
لا تنسوا أن المغرب في مكاني وضع قيادات نسائية ووزيرات وبرلمانيات ورئيسات مصالح وإدارات ومستشارة ملكية ورئيسات مؤسسات وطنية عليا ودمج المرأة في مختلف القطاعات ومنحها فرص الترقي.
ولا تنسوا أن مكاني في رئاسات مراكش وعموديتها سلم لأول مرة لنساء في مراكش كعمدة ورئيسات مقاطعات وإقليم وغيرها فعينت أربع نساء دفعة واحدة رئبسات أساسيات في مدينتي وفي مكاني فسميتها “مدينة النساء” لأنها كانت دائما مزرعة النساء، وكان ذلك مصدر فخر لي فقد تناسلتُ وتناسختُ، ولم تذهب أفكاري ومطالبي ونضالاتي سدى، بل ذهبت فيما أنجزت من أجله.
لا تنسوا أبدا أنني كنت أؤسس وأحفر الصخر وأبني الأسس، والأساس أهم ما يمنح البناء صلابته وامتداده وقابليته للصمود أمام الزلازل والبراكين وعاديات الزمن، رغم أن هذا المسار بدون الترشيد الكثير الذي يحتاجه الحقل العمومي ويتطلبه لن يمكنه أن يعطي النتائج المتوخاة.
اسمحوا لي أن أقول بدون أي تواضع وبكامل الموضوعية أنني أنجزت في الساحة والميدان وأثبت في التاريخ أكثر مما كان ممكنا أن أفعل نتيجة شروط كثيرة وضعت فيها فكبلتني وحدت من إنجازاتي وطموحاتي في التغيير، ما يدخل ضمن طبيعة تاريخ وشروط لا يجهله المغاربة وقد تقلبوا فيه وذاقوه ويذوقونه ويعيشونه بأوجه وأشكال.
شكرا مجددا لمن زكوني ومن لم يروا أهليتي لذلك
فعلا لم أكن مؤهلة بما يكفي، إذ كنت حريصة على كرامتي وكرامة الوطن، مسيجة بحدود للقبول ومساحات للرفض.

‎إضافة تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك ايضا ان تقرأ

RADEEMA تعلن عن إغلاق الملحقات التجارية بمراكش يومي الجمعة والسبت