بقلم: الدكتور عيد الجليل الآزدي
تستعمل اللغات الشعبية هذه الكلمة بناء مفخمة كأنها الطاء؛ وخاصة في لهجة أهل مراكش. وحين تسمعها تخال ان الأمر يتعلق ب: الطرزيم. وفي لغات أخرى، يتحدث الناس عن: الكموسة. وفي بلاد الشام، وخاصة الأردن، يطلقون على التررزيم: القجة (بضم القاف).
ويشكل هذا النمط من رزم الثياب أقدم حقيبة استعمالها كافة الشعوب، و ضمنها الشعب المغربي. وقد ارتبط الترزيم بثلاثة أمور : حفظ الثياب داخل البيت؛ الرحيل من مكان إلى آخر؛ الذهاب إلى الحمام. وليس التى زين مقصورا على الإناث، بل إن الذكور كذلك، وإلى حدود ستينيات القرن الماضي، كانوا يذهبون إلى الحمام محملين بترزيم الملابس النظيفة، ويعودون بترزيم الملابس الوسخة بعد الاستحمام طبعا.
وفي الأمثال الشعبية: “من فرحة الحمام، روما ثيابها في السويقة”؛ وذلك في إشارة لامعة إلى أن النساء لم يكن يغادرن البيت إلا للحمام أو المقبرة. ومن شدة فرح الخروج من البيت نحو الحمام، تستكمل المرأة ترزيم ثيابها في السويقة (تصغير: سوق) ويكون ذلك كذلك مناسبة لقضاء بعض الوقت في سوق الحي وتقليل النظر في شحنات العبارات والعابرات كما في المواد المعروضة للبيع…
وكيف ما كان نطق هذه الكلمة، فهي عربية فصيحة. ذلك أن الترزيم: (اسم)؛ وترزيم: مصدر رزَّمَ؛ و تَرْزِيمُ الثِّيَابِ : جَمْعُهَا وَشَدُّهَا وَجَعْلُهَا رِزْمَةً. ولا يطلق اسم الترزيم إلا على ما كان كبير الحجم؛ أما الكموسة، صغيرة الحجم وللناس فيها مآرب شتى، ابتداء من تقطير بعض مستخلصات الأعشاب في أفواه وآذان وأنوف الأطفال الرضع، وصولا إلى النفث في العقد. وقد تعوذ القرآن من شر النفاثات في العقد كما هو معلوم.