د. عبد الجليل الأزدي
ما كان لنا أن نخوض في هذا الموضوع الذي لا علاقة لنا به لولا نازلة طريفة عرفتها رحاب الكلية في الأيام القليلة الماضية؛ إذ أقدم المنحرف النرجسي وهو واحد من أدعياء ترجمة القرآن على نهب وسرقة محتويات وتجهيزات مختبر الترجمة وتكامل المعارف، مستعينا بأشخاص غرباء عن المؤسسة ومستعملا سيارات نقل البضائع (هوندا) وسيارات شخصية، علاوة على استعمال التسلق وإخراج المسروقات من فوق جدران الكلية. وبرغم أن هذه المسروقات وقع استردادها في حينه بفعل يقظة حراس الأمن والتدخل السريع لمسؤولين من الكلية والجامعة والنيابة العامة، فهذا الفعل الجنائي يقتضي التفكير فيه من جهتين: الأولى قضائية، والثانية أخلاقية.
من الناحية القضائية، السرقة بالتعريف اختلاس مال مملوك للغير عمدا؛ وقد يكون هذا الفعل جنحة لا تتجاوز عقوبته خمس سنوات، ويسمى سرقة لا سرقة موصوفة؛ وقد يكون فعل السرقة منصبا على أشياء زهيدة. ويعود للسلطة القضائية تقدير فيما إذا كانت الأشياء المسروقة زهيدة القيمة أم لا، وفي هذه الحال، لا تتجاوز العقوبة سنتين.
أما السرقة الموصوفة فمعناها أن هذه السرقة لها وصف وميزة، حسب الفصول من 507 وما بعده من القانون الجنائي.
السرقة الموصوفة هي التي يرتكبها أكثر من شخص باستعمال السلاح أو الناقلة أو كليهما، أو ترتكب في الأماكن العمومية أو باستعمال العنف والتهديد وانتحال وظيفة في السلطة… وتعتبر جنائية إذ تصل عقوبتها إلى المؤبد حسب التفصيل التالي:
– إذا ارتكبت السرقة عن طريق أشخاص يحمل أحدهم سلاحا يعاقب بالسجن المؤبد.
– إذا ارتكبت السرقة في الطرق العمومية أو في ناقلات الأشخاص و البضائع أو في المحطات والموانئ والمطارات.. وكانت مقرونة بطرق تشديد يعاقب عليها بالسجن إلى 30 سنة.
– وإذا ارتكبت مقرونة بظرفين على الأقل من الظروف التالية:
* استعمال العنف والتهديد أو لباس زي نظامي بدون حق أو انتحال وظيفة – ارتكابها ليلا.
– ارتكابها بواسطة شخصين أو أكثر، استعمال التسلق أو الكسر أو نفق تحت الأرض أو مفاتيح مزورة أو كسر الاختام للسرقة من دار مسكونة أو معد للسكنى أو أحد ملحقاتها إذا استعمل السارقون ناقلة ذات محرك-إذا كان السارق خادما، إذا كان السارق عاملا أو متعلما لمهنة، وارتكب السرقة في مسكن مستخدمه أو معلمه أو محل عمله أو تجارية أو كان السارق ممن يعملون بصفة معتادة في المنزل الذي ارتكبت فيه السرقة، وهذه السرقة بهذه الأوصاف يعاقب عليها حتى 20 سنة.
أما إذا اقترنت بظرف واحد من الظروف الآتية؛ إضافة إلى الظروف الثلاثة السالف ذكرها باستعمال التسلق أو الكسر أونفق تحت الأرض أو مفاتيح مزورة أوالكسر داخليا ارتكابها في أوقات الحريق أو الانفجار أو الفيضان أو الثورة أو التمرد أو أية كارثة أخرى، يعاقب عليها من من 5 إلى 10 سنوات.
والسرقة التي أقدم عليها السمسار المنحرف النرجسي تمت داخل مرفق عمومي وفي سياق جائزة حول يد 19، والتوظيف أشخاص وسيارات نقل البضائع وعبر تسلق جدران الكلية التي تشكل مقر عمل السارق…
أما على الصعيد الأخلاقي، فالجميع يعرف أن السمسار المنحرف النرجسي ظل لسنوات يوهم الناس بالزر والتقوى والانشغال بترجمة القرآن عبر “مختبر الترجمة وتكامل المعارف”، وهو المختبر الذي كانت تتكامل فيه جميع الكبائر والصغائر والموبقات ولا علاقة له بالمعرفة أو بالترجمة؛ وعلامة على هذا الذي يعرفه الجميع، فالجميع يعرف كذلك موقف الإسلام من السرقة والسارق؛ آذ نصت الآيتان 38 و 39 من سورة المائدة على الآتي: ” وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”…