*نزهة صادق
تطلق جمعية Quartier du monde” أو ”أحياء العالم” بالعربية، قريبا معرض “الرجولة في دقائق”، المعرض يعد سابقة من نوعه في المغرب نظرا لكون المعارض الرقمية نادرة وجديدة في الساحة المغربية من جهة، ومن جهة ثانية كون موضوع الرجولة مثير للجدل.
سيتعرف المغاربة من خلال معرض “الرجولة في دقائق” الذي سينطلق يوم الخميس المقبل الموافق لـ 31 ديسمبر2020، على مفهوم الرجولة بصوت نساء ورجال فتحوا قلوبهم للجمهور العريض وجاءوا لمشاركة قصصهم الحقيقية والحية عبر الصوت والصورة. المشاركون منهم من حكى عن طفولته، ومنهم من أشار للنساء اللواتي غيرن تاريخه، ومنهم من أكد على أنه إذا كانت الرجولة هي العنف فهو يرفض أن يكون رجلا.
وسينشر -عبر منصات الجمعية- في 31 من ديسمبر “تيزر” يسلط الضوء على مضمون وروح لقاءات “الرجولة في دقائق”.
اختار منظموا معرض “الرجولة في دقائق”16 كبسولة لحكاية قصص لم تروَ من قبل حول الرجوليات، ويرجع هذا الاختيار إلى سياق 16 يوما لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات أو 16 يوم من الأنشطة ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي (بالإنجليزية: 16 Days of Activism against Gender-based Violence) كما أسمته منظمة الأمم المتحدة. والمناسبة التي تعد حملة عالمية أطلقتها منظمة الأمم المتحدة منذ عام 1991، بهدف مناهضة جميع أشكال العنف الموجه ضد النساء والفتيات حول العالم،وتنطلق المناسبة في 25 نوفمبر/تشرين الثاني، وهو اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة وتنتهي في 10ديسمبر/كانون الأول، وهو يوم حقوق الإنسان. من خلال الحملة العالمية هذه ترفع أعلام الخطر في العالم لمناهضة كل اشكال العنف ضد النساء وتسليط الضوء عليها في سياق كوني.
في المجتمعات الأبوية ينظر للرجولة بكونها صفات تخص الرجال فقط وتتجلى في اتصافهم بسمات متنوعة كثقة الرجل في نفسه وقدرته على أن يحارب من أجل الحياة الفاضلة، والأخلاق، والشرف، هذه النظرة العامة لا ترتكز فقط على سمات تحدد هوية الرجل، بل تتجاوز هذه النظرة بكثير، لذلك نجد رجوليات سلبية لم تجعل من قدرة الرجل المحاربة وسيلة سامية لحماية الذات والأخر بأكثر ما جعلتها وسيلة للاضطهاد والعنف والسلطوية.
https://www.youtube.com/watch?v=8_zmySw1Mig&feature=youtu.be
وسط ركام الرجوليات بسلبياتها وإيجابيها هذه المفاهيم التي بنت دور المرأة والرجل معا وجوديا وتاريخيا، تأتي مبادرة “الرجولة في دقائق” لتسلط الضوء على رجوليات إيجابية تحمل قيمها نساء ورجال اجتمعوا ليقولوا “نناهض العنف كيفما كانت اشكاله” ونؤكد على أن الرجولة تساوي المروءة والأنوثة، وأن سموها يتجلى في الإنسانية في أسمى معانيها، كما يتمثل في الرقى بالمجتمعات التي لا ترجح كفة على أخرى.
ارتأت جمعية “أحياء العالم”التي تعمل من أجل محاربة العنف ضد النساء ومن خلال طرح موضوع الرجولة في دقائق أن تؤكد على أن محاربة العنف ضد النساء لا تتجلى فقط في رصد آلياته وتعريتها أو في رفضه وتحميل الذكورة السلبية والعنيفة كامل مسؤوليتها التاريخية، بل تتمثل أيضاً في بناء وزرع ذكورة إيجابية من خلال اعتبار الرجال شركاء حقيقين في محاربة العنف وتفكيك الذكورة السلبية وخلق مجتمع متساوٍ ومتكامل تسوده مبادئ المروءة والشجاعة وتحدي الصعاب على قدم المساواة.
بالإضافة إلى ذلك يعود اختيار الجمعية لدقائق إلى رغبتها في تكديس التجارب والحكايات في دقائق يروي فيها المشاركون قصصا بلغة نتشيه شذرية تقول المفيد صوتا وصورة في عالم أصبح رقميا بامتياز.
كما أن اختيار معرض رقمي يعود إلى الفرص التي تتيحها الرقمنة اليوم لطرح موضوع العنف ضد النساء والرجولة الإيجابية بشكل محلي ودولي، وإلى دور وسائل التواصل اليوم في خلق فضاءات لمناقشة مواضيع تهم المجتمع.
سيخلق معرض الرجولة في دقائق” سجالا مهما نظرا لطرحه قصصا حقيقية وتسليطه الضوء على تجارب إنسانية واقعية تزعزع عرش الواثقين بوجود نوع وحيد من الذكورة، هي مناسبة أيضا لرفض الرجولة السامة وفتح مجال للحوار بين النساء والرجال في فضاء حر ومبدع. كما سيكون المعرض مناسبة لتسليط الضوء على الرجولة السامة، هذا الموروث القديم الذي أثقل كاهل النساء والرجال، وسيقدم من خلاله المشاركون فسحة أمل للمجتمع المغربي موجهين فيه رسالة لكل مواطن ” أن المساواة بين النساء والرجال عماد لمجتمع قوي وأن الرجولة الإيجابية في مصلحة الرجال والنساء لبناء مستقبل وغد أفضل!”.
*مستشارة دولية في الإعلام والجندرة