كلامكم
تنظم الطريقة القادرية البودشيشية ومشيختها ومؤسسة الملتقى بشراكة مع المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم “CEMEIA”، الدورة الخامسة عشر للملتقى العالمي للتصوف تحت شعار “التصوف وتدبير الأزمات:” دور البعد الروحي والأخلاقي في الحكامة الناجعة”، بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وذلك ما بين 12 إلى 18 ربيع الأول 1442ه الموافق لما بين 29 أكتوبر إلى 5 نونبر 2020، وسيتم تنظيم هذه الدورة عن بعد (افتراضيا) عبر وسائط التواصل الاجتماعي؛ بالنظر للظرفية الاستثنائية التي يعيشها العالم المتمثلة في جائحة كورونا (كوفيد 19)، وانسجاما مع التدابير الوقائية.
ويأتي طرح موضوع هذه الدورة، في صميم الحاجة التي يفرضها السياق المعاصر؛ بفعل ما نعيشه من تداعيات للأزمة الصحية التي حلت بالعالم، والتي كشفت عن كثير من الاختلالات التي يعاني منها المجتمع الإنساني على أكثر من مستوى، والتي تبلورت في عدد من الأزمات؛ سواء قيميا وأخلاقيا، أو بيئيا، أو اقتصاديا، أو اجتماعيا، أو غير ذلك، لذا سيتم طرح هذا الموضوع أمام الباحثين من أجل مدارسته والوقوف عند كبريات الإشكالات التي يتضمنها، ومعالجته من كل الجوانب؛ سواء المعالجة النظرية لإدارة الأزمات، أو التناول الأصولي والتأصيلي لها، أو من خلال التجليات العملية والنماذج الواقعية.
وتتوخى هذه الدورة إبراز الإسهامات التي قدمها التصوف باعتباريته القيمية والروحية في تدبير عدد من الأزمات التي عرفتها الأمة الإسلامية والعالم أجمع، والإمكانات التي يمكن أن يقدمها اليوم من أجل خلق حكامة قيمية فاعلة لتدبير كثير من أزماتنا الراهنة والتخفيف من آثارها. خاصة وأن التصوف هو من أكثر المكونات الدينية والحضارية رعاية للبعد القيمي والروحي والأخلاقي، الذي استطاع من خلاله أن يسهم في حل كثير من الأزمات التي عرفتها الأمة، ويكفي أن نستحضر في هذا الباب ما أسهمت به الزوايا والطرق الصوفية عبر العالم من جهود لتجاوز كثير من الملمات، مثل أزمة القيم والبحث عن المعنى، واللاتوازن بين ما هو مادي وما هو روحي، والصراع الحضاري، ومشكلة التطرف، إلى جانب الأزمة الاقتصادية والصحية والبيئية، وغير ذلك.
فما زالت هذه المؤسسات التربوية والإصلاحية إلى اليوم تسهم في تدبير وحلّ كثير من أزماتنا عبر حكامة روحية قائمة على القيم الإسلامية الأصيلة، ومراعية للمقاصد الشرعية المتمثلة في حفظ الضروريات الخمس، ومراقبة الله في السرّ والعلن، وتقوية الوازع الأخلاقي والتضامني، وبثّ خطاب التفاؤل والطمأنينة الذي عبّر عنه القرآن الكريم في قوله تعالى: “قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ” (سورة التوبة، الآية 51)، والحدّ من خطابات التهويل والتشاؤم اقتداء بنبينا الأكرم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال: “ويعجبني الفأل، قالوا: وما الفأل؟ قال: كلمةٌ طيبةٌ” (رواه البخاري)، هذا إلى جانب الإجراءات والتدابير القانونية والتشريعية الرامية إلى إشراك الجميع من أجل الالتزام بالتدابير المتخذة لحصر الأزمات والوقاية من مخاطرها.
تهدف هذه الدورة أيضا إلى إبراز النموذج المغربي الذي يعتبر مثالا يحتذى في التعاطي مع كثير من الأزمات، آخرها جائحة كورونا، التي قدم خلالها الشعب المغربي، المتشبث بثوابت هويته الوطنية والدينية، تحت القيادة الراشدة لمولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله، ملاحم من التضامن والمواقف الإنسانية الراقية، إضافة إلى الانخراط الفاعل في حل عدد من الأزمات السياسية والدولية التي لطالما تعامل معها المغرب بمنطق الحكمة والأخوة والتعاون والصلح من أجل نشر قيم السلام والتعايش، ومنها الأزمة الخليجية، والأزمة الليبية، وأزمة مالي، وغيرها.
كل هذه الأبعاد سيتم مناقشتها ومطارحتها من قبل نخبة وازنة من المتخصصين والباحثين والعلماء الذين سيشاركون في فعاليات هذه الدورة سواء من المغرب، أو من أوروبا، أو آسيا، أو واستراليا، أو إفريقيا، أو أمريكا، على اختلاف ما يمثلونه من مشارب وتخصصات علمية؛ دينية، وأدبية، وفلسفية، وسوسيولوجية، واقتصادية، وغير ذلك.
إلى جانب هذا، ستعرف هذه الدورة تنظيم عدد من الأنشطة، بما فيها الموائد المستديرة الموازية التي سيتم تنظيمها طيلة أيام الملتقى والتي سيؤطرها هي الأخرى ثلة من المتخصصين في عدد من المجالات والمحاور ذات الصلة بموضوع الملتقى. إلى جانب المسابقات التي سيتم تنظيمها، سواء في تجويد القرآن الكريم، أو المسابقة العلمية المتمحورة حول إعداد مقالة في موضوع “تدبير الأزمات في الإسلام: الأصول والمنطلقات”، أو المسابقة الشعرية في غرض المديح النبوي.
هذا، وسيتخلل فعاليات الملتقى العديد من وصلات السماع والمديح التي سيقدمها نخبة وازنة ومرموقة من خيرة المنشدين والمسمعين من داخل المغرب وخارجه.