من خلال خرجته الإعلامية الأخيرة صرح رئيس فرنسا أن الإسلام يعيش اليوم أزمة في كل مكان في العالم…….
تصريح من الغرابة بمكان وفي توقيت يبعث على الاستغراب أكثر ويطرح عدة تساؤلات عن السبب في هذه الخرجة الإعلامية..
لو كان هذا التصريح من رءيس دولة مسلم ربما تقبلنا الأمر على مضض…لكن أن يتحدث عن الإسلام من لايفقه في تعاليمه ولا يقرأ كتابه فهنا..يصدر الخطأ ويسقط الإحترام…..
فالإسلام كدين كوني لايعيش أزمة فهم..او أزمة فكر….ذلك أنه يجتمع أهل المذاهب الإسلامية الأساسية في الكثير من أمهات الدين، فهم يتفقون حول وحدانية الله وألوهيته والإيمان برسله وأن الإسلام خاتم الأديان..
ويشهدون للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بالنبوة، وينتسبون في مذاهبهم إليه، ويجمعون على مرجعية القرآن الكريم وعلى القيم الأخلاقية والاجتماعية والسياسية التي وردت فيه، رغم اختلافهم في بعض تفسيره، ويرون في الإسلام وقيمه مرجعية عامة للفرد والمجتمع.
يتوجهون بصلاتهم نحو قبلة واحدة ولا تصح الصلاة بالتوجه لغيرها، ويصلون بنفس الكيفية بالإجمال وإن اختلفوا بشأن المواقيت، ويحجون إلى الكعبة في مكة، ويصومون شهر رمضان من الفجر إلى المغرب….
ان الاسلام دين مثالي هو اصلا وضع منهاجا لعلاج الأزمات ومواجهة المحن سار على هديه قادة الأمة على مدى أربعة عشر قرناً من الزمان، يقول الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل:89].
لقد علم ديننا الحنيف العالم وبشهادة كبار الفلاسفة ورجالات الديانات كيفية إدارة الأزمات ومنهجية التعامل معها بذكر العناصر الأساسية في كل إشكالية حيث أسلوب التعامل يبدأ بالإنذار والنصح والتوعية والتذكير والتعليم والتنبيه..
من يعيش في أزمة حقيقية فهو الفكر الفرنسي الذي يمر من فترة ركود إلى درجة تغير وتحول معها إلى فكر الأمركة ، كما يشهد على ذلك اكتشاف فرنسا لفلاسفة (جان رولز، ميكائيل والزر، دانيال دينيت، ريتشارد رورتي)، وعلوم نفسية جديدة ( معرفية وتطورية)، كلهم قدموا لفرنسا من أمريكا.
حتى المثقفين المأخوذين بالفكر النقدبي والعولمة البديلة هم اليوم أمريكيون سواء كان أسماءهم سوزان سترينج، جوزيف ستجليفتش أو ناعوم تشومسكي…..واللائحة تطول…!
إذن فلا غرابة ان يتساءل مفكر فرنسي بحجم “جان فرونسوا دورتييه” قائلا : هل انتهى الفكر الفرنسي اليوم بعد خمسة قرون من الوجود؟….
كما ان الفيلسوف الفرنسي ” ميشيل أونفري ” صرح أن جائحة فيروس كورونا المستجد ستشكل لاحقا مرحلة جديدة ضمن “انهيار الحضارة اليهودية المسيحية”، حسب التحليل الذي قدمه في كتابه “الانحطاط”، واعتبر فيه أن الحضارة الغربية في انهيار متواصل، وتعيش حالة من الهرم، مشيرا إلى غياب الإبداع الأدبي والفني الحقيقي ضمن استعراضه مظاهر أفول الغرب..اذن فهل ذكر هذا الفيلسوف الإسلام في كتابه “الانحطاط”…؟؟؟؟
الفيلسوف الفرنسي ميشيل أونفري صراحة شكل التميز والشجاعة الفكرية في إثارة الجدل في بلاده بمراجعات فكرية توصف بالمفاجئة والصادمة. وفي مراجعات جديدة ذات صلة بعالم جائحة كورونا،حيث قال أونفري في حواره مع مجلة “لوبوان” الفرنسية إن أوروبا أصبحت بمثابة “عالم ثالث جديد”، معتبرا أن تفشي كورونا يتزامن مع انهيار أيديولوجية أوروبا التي تتبع السياسة الليبرالية الهادفة إلى الربح وحسب..
إن مرورنا..كان مرورا خفيفا للعبرة فقط ومجابهة الدليل بالدليل..والحجة بالبرهان.. فالإسلام الحنيف دين كوني صالح لكل زمان ومكان…ولا يتأثر بفكر…او أزمات..وله وجود لامتناهي..ازلي..مرتبط بشيء أوسع من العالمية، إنه مرتبط بالكونية، وإذا تفكرنا في هذا الأمر بعقل منفتح على نحو أكبر وبعيداً عن محدودية التفكير، لتأكّدنا أن الإسلام هو دين كوني، بمعنى أنه لا يُستبعد أن يكون هناك أقوام آخرون في الكون بخلاف سُكّان الأرض يدينون بالإسلام….
و عليه فتصريح الرئيس الفرنسي هو تصريح مردود عليه جملة وتفصيلا…فالازمات الخقيقية هي نوعية الفكر او ماتبقى منه في بلاد الأنوار..حيث كان فسرها الفيلسوف الفرنسي “ميشيل أونفري” موضحا..ان جاءحة كورونا قد اظهرت عدم كفاءة رئيس الدولة والحكومة، وعدم تماسك خطابات الرئيس إيمانويل ماكرون وتناقضها (مثل الدعوة للبقاء في المنزل والذهاب للتصويت)؛ مما يؤدي إلى عدم الثقة في الرئيس “الذي لا يطيعه أحد”.)..ا
خلاصة القول والكلام..الإسلامُ يتحدى الأزمات أيها الرئيس
“الذي لا يُطيعه أحد”..على حد قول الفيلسوف الفرنسي “ميشيل أونفري”…
فاللهم صلّ صلاة كاملة وسلّم سلاماً تاماً على سيدنا محمد النبي الأميّ الذي تنحل به العقد، وتنفرج به الكرب، وتُقضى به الحوائج، وتنال به الرغائب وحسن الخواتم، ويستسقى الغمام، وعلى آله وصحبه عدد كل معلوم لله.
د.أنوار بن بوجمعة
مكتب جهة الدارالبيضاء سطات