جمال الدين بنحدو.
حينما تقل الثقافة الموسيقية و الفنية على العموم أو تنعدم في مجتمع ما كيف يمكن الحصول على نقد للأعمال الموسيقية او الفنية بل كيف الحصول على صحافة واعية ملمة متخصصة تستطيع أن تضع المنتوج في مكانه الاعتباري الصحيح، فما يروج في صفحاتنا الفنية يبقى أخبارا و أحداثا تعنى بأسماء فنانين أو أشباه فنانين أو متقمصين سماسرة ، فالمجال مفتوح على مصراعيه في غياب مقال او عمود نقدي متخصص يضع كل مزاول للفن في مكانه الصحيح فنحن في المغرب نفتقد ذلك الصحافي الذي يمكن تسميته بالقلم الفني أو الصحافي الفني الذي يمتلك ثقافة و دراية بالمجال الموسيقي مثلا و ليس بالأشخاص فقط و أسمائهم بل من المطلوب أن يكون قد تابع الى جانب دروس الصحافة دروسا في الموسيقى بشتى أنواعها و لما أقول موسيقى فأعني جميع مجالاتها من غناء و عزف و تلحين شكلا و مضمونا. فحينما نطلب من صحافي ان ينجز مقالا او استجوابا مع فنان بالإضافة الى استجماعه للمعلومات العامة الخاصة بالفنان الموضوع عليه أن يكون ملما مجاله الفني حتى يضبط مستويات تحرك الفنان و بالتالي يستطيع التقييم و يفرز صورة حقيقية للمتلقي الذي يضيع بين حجم الصور وأشكالها وبين تقديم بعضها على الآخر أو فتجد مبتدئا ليس له في رصيده الا أغنية أو اثنتين يتقدم و يتصدر الصفحة الفنية بصورة كبيرة و بالالوان في حين الفنان الرائد الذي أسس لنوع من الموسيقى غزى به العالم و عرف بوطنه و ثقافة بلده لا حظ له الا في صورة صغيرة في أسفل الصفحة و دون ألوان أو في وضع غير لائق.
لا يجب أخد كلامي هذا بتلقائية مفرطة بل هناك اعتبارات كثيرة تؤثر في شكل الصفحة كحجم الخبر و قيمته و حداثته و أشياء أخرى من مثل باك صاحبي التي لا يجب استثناؤها و رغم ذلك يبقى العثور على صحافي متخصص من الامور الصعبة حاليا لكن ليست منعدمة فهناك أقلام أعرفها و أحترمها لجديتها في اجتهادها من أجل الالمام بمجال الفن بل هناك من حاول و يحاول المزاولة حتى يدرك ما لا يدرك بالسمع او بالنظر فقط، لكن تطرقت للموضوع من أجل تنبيه الجيل الجديد حتى لا ينساق في صحافة الفضائح و يترك المساهة في رقي المجال و حمايته من المرتزقة و المدعين.
أما الصحافة المرئية و المسموعة فهي معنية أكتر لما لقيمتها التواصلية ولجادبيتها الفعالة مما يجعل بعض البرامج الناجحة من حيث ذات فكرتها العامة يصبح مقدمها يلعب دورا خطيرا يتجاوز في أغلب الأحيان دور المؤسسات و الوزارات المعنية، فيعمل على تلمييع أسماء ويقصي أخرى بحيث يصبح يتحكم في المشهد الاعلامي الخاص بالفنون من خلال مزاجيته و يصبح دو دور خطير كلما استمر في اعداد و تقديم البرنامج الناجح لمدة أطول قد تصل الى سنين عديدة ومن التقنيات البدائية التي تغيب عن المتلقي هو أن هذا الأخير حينما يغيب عنه فنانه المفضل و بالأحرى يغيب عنه، برفع الياء الأولى و فتح الثانية، يصدر أحكاما من مثل أن الفنان تراجع و لم يعد ينتج
لذى فالصحافة الفنية لها دور في تشكيل الساحة الفنية يبقى هذا الدور هل هو مبني على كفاءة علمية و حسن نية في الرفع من المستوى الفني أم أشياء أخرى لا يعلمها إلا الله.