محمد الغلوسي
قدرنا في هذا البلد هو أن تثار الزوابع حول العديد من القضايا التي تهم المجتمع ،زوابع تتحول إلى فرجة أو حتى فضيحة ليتم نسيانها بعد ذلك.
فكم من قضية فساد برزت إلى السطح وإختفت بقدرة قادر أو شكلت لها لجنة أو فتح فيها بحث دون أن تنتهي أو يعرف الناس مصيرها ويظل أبطالها في منأى عن أية مساءلة بل إنهم يصبحون أقوياء بعد الضجة.
مناسبة هذا الحديث هو الجدل الذي أثير حول هيئة ضبط الكهرباء والتعويضات السمينة التي يتلقاها أعضاؤها والتي تصل إلى مايقارب سبعة ملايين شهريا ،و عين بعضهم بطريقة غريبة ومريبة لاتنسجم مع المبادئ والقواعد الدستورية ذات الصِّلة بالمساواة والحكامة والشفافية وتخليق الحياة العامة
هو تعيين برائحة الريع والفساد إرضاء لنزوات نخب ألفت أن تعيش بدون عرق أوجهد ،نخب إعتادت “شدان الصف” ومباركة كل القرارات الصادرة عن زعماء أحزابها والقيام بدور الكومبارس التنظيمي ضد “المشوشين” على راحة ونعمة الزعيم وتراها تدبج مقالات تعدد مناقب “وأخلاق” القيادة الحزبية وهي الممارسات التي ساهمت إلى جانب عوامل أخرى في تشويه العمل الحزبي والسياسي وجعلت الناس تنظر إلى الأحزاب والنقابات والجمعيات كدكاكين للبيع والشراء وخدمة مصالح أصحابها
والمثير في الأمر أن النخب الحزبية سمحت بأن تمر هذه الفضيحة دون خجل أو إحراج رغم خطورة مثل هذه الممارسات المسيئة للمؤسسات ولقيم النزاهة وتكافؤ الفرص التي يتبجح بها الجميع ،ولن نستغرب إذا خرجت هذه النخب المرتشية والريعية غدا إلى الناس بمناسبة الإنتخابات لدغدغة عواطف الجمهور بخطابات رديئة حول محاربة الفساد والرشوة ومن أجل الكرامة والعدالة وغيرها من الشعارات الديماغوجية لكسب أصوات الناس، وهي اللعبة التي تكشفت ولن تنطلي أبدا على أحد وهي بذلك تضع مثل هذه النخب المغاربة أمام مصير مجهول وتؤسس للفراغ ونشر اليأس وآنذاك لا أحد يمكنه أن يتنبأ بما سيأتي !
هيئة ضبط الكهرباء وما رافقها من جدل عنوان لفضيحة كبرى في واضحة النهار تحتاج إلى فتح تحقيق معمق حولها ومساءلة المتورطين فيها حتى لا نترك المؤسسات لخدمة أهواء ونزوات نخب مريضة تلهث وراء الريع والفساد.