بقلم: دليلة حياوي
نعم يسعدني وعام 1442 يقلب صفح آمالنا المعلقة وأحلامنا المرجأة.. أن أزف إليكم أيها الغوالي أصالة عن الأديب الدكتور سيدي أحمد رزيق -جزاه الله خيرا- وباقة من الأدباء والمفكرين والشعراء من المغرب وخارجه.. (حسن أوريد، إدريس بلعطار، إسماعيل علالي، حسن برما، حفيظة الفارسي، خالد العقبي، رضوان أفندي، سفيان مديلي، صالح لبريني، عزيز بنسعد، فريدة بوفتاس، محمد العياشي، محمد النابت، محمد موثنا السباعي، يحيى الشيخ) وعن نفسي أيضا بما أوتيته من زهو وفخر.. نبأ إصدارٍ أدبي جامع بين دفتيه لنصوص منثورة ومنظومة فصيحة وزجلية خاصة ومخصوصة بسيدي عبد الرحمن اليوسفي رحمه الله..
“تنطفئ الأيقونات.. لكنها لا تموت”.. نعم لا تموت.. فمن أنار وينير سراديب الفكر متى غشى الظلام تجاويفه.. يا سادة لا يموت.. ومن أفاض ويفيض جداول العطاء رقراقة متى غطى القفر شعابه.. يا سادة لا يموت.. ومن رص ويرص أصص الأزاهير بمشاتل النضال متى لوح الجفاف جنباته.. يا سادة لا يموت.. ومن ومن ومن..
لم ألتق ذلك العظيم يوما.. لم ألتقِه.. لأن عنقي لا يقبل وشاحا بلون معين.. ومعصمي لا يرضى وشما برمز محدد.. ولساني لا يتخير عن اختيارات ما ذكر أو عن غيرها من القناعات ليلعق يوما جبة السياسة أو جوخ مريدي جوقتها.. لم ألتق ذلك الكبير.. لكنني بكيته كما أبكي بُعدي عن التبر الذي أنجبني.. التبر الذي انهال بعضه على جثمانه الطاهر في زمن الكوفيد-19 دون جنازة ربما تعكس أقدامنا خلالها عميق ما تكنه الجوانح من تقدير له بل من امتنان وعرفان.. وكأني به بعد أن انزوى بنفسه كما نسور القمم الشماء بعيدا عن نكوص الأخلاق السياسية الذي صار ديدن الأحزاب المتناحرة مثل الديكة على الحقائب والمناصب.. يختار أيضا لرحيله موعدا لن يتبع نعشه فيه باعة الضمائر.. والمتلاعبون بالمصائر..
لم ألتق الرجل.. لكنني بكيته وأنا أعاهد روحه على أن أبقي فتيل النور بسراجات كل ما هو سامٍ متقدا.. فابكوه معي ومع كل من رثاه شعرا ونثرا من الحوزة المغربية أو خارج حدودها!.. ابكوا رحيل آخر السياسيين المحترمين.. في زمن الألف سفاهة وتفاهة بامتياز.. ابكوا السي عبد الرحمن اليوسفي يرحمكم ويرحمه الله.. ابكوا رجلاً عشقه الشعب كما عشقه الملوك وإن اختلفوا ذات يوم معه.. ابكوا من ألّف بين قلوب الأميين والأكاديميين.. العمال والعلماء.. الحرفيين والبلغاء.. الصناع وقوات الأمن والدفاع.. المناضلين والمندسين بين تجاويف ظلالهم وزملائهم السائرين بمحاذاة الجدران.. الناشطين والفاعلين وأقرانهم الذين هُم عن الإدلاء برأي من العازفين.. الوطنيين والمارقين.. الليبراليين والمحافظين قبل الحداثيين والاشتراكيين!
ابكوا الأيقونة التي لن تنطفئ!
ولن أفي الرجل عظيم حقه مهما أسهبت.. لأنه أكبر من أي جرة قلم..
وكل عام وأنتم بألف خير..