حسن عين الحياة
قد يكون كبير البيجيديين، الداعية سعد الدين العثماني، هو أكثر الشخصيات السياسية في المغرب، تفاعلا في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، وربما الأكثر تواصلا في هذا الفضاء “الشيبي”، الذي يطل من خلاله، بين حين وآخر، على المغاربة، بما قل ودَل، ليقينه التام، أن الناس “رجلان.. ثرثار ومحب للاختصار”، أو لتشبهه بسادته في المشرق، الذي يتسيد فيه تويتر، ويتنمر التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
وإذا كان العثماني، ينشر بعض المواقف التي تجر عليه في أحايين كثيرة وابلا من السخرية، فإنه اليوم، وهذا يُحسَب له، “بارطاجا” أو “تويترا” تغريدة لهئية الأمم المتحدة، من باب التحسيس بأهمية الحفاظ على البيئة، تكشف من خلالها خطورة تلويث البحار بمادة البلاستيك، وكيف تصل “الميكة” للموائد، ومن تم إلى البطون، عبر الأسماك.
التغريدة اللي “تويتراها” السي العثماني تقول: “تتغذى الأسماك على المواد البلاستيكية.. ونحن نأكل هذه الأسماك”، تاركا مساحة الاستنتاج للمغاربة الذين يفتخرون بكونهم يتوفرون على”جوج بحورة”، وإن لم تفصح الأمم المتحدة ولا العثماني عن الأنواع المحددة من الأسماك التي تأكل البلاستيك، خاصة وأن السواد الأعظم من المغاربة، لا يأكلون من “هاذ جوج بحورة” سوى السردين و”كابايلا” و”الأنشوفا” و”شرن”، والسمطة، في وقت يشعرون أن “السمطة” مزيرة عليهم “نيت”.
لكن، لماذا انصرف العثماني إلى مسألة ثانوية، بالرغم من أهميتها، والتفت إلى الأسماك، وغفل أن “الحوت” في المغرب لا يأكله أكثر من ثلثي مزاليط المغرب بسبب غلاء أسعاره، وأن الثلث الآخر “المرفح”، يأكل أقل من ثلث أنواع الأسماك التي يزخر بها الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، فيما ثلثي الأنواع الآخرى، (الحوت الحر) تُصدر للخارج، تماشيا مع مقولة “خبز الدار ياكلو البراني”.
هل يدري العثماني أن أغلب سكان المغرب الموجودين في المدن والقرى غير الساحلية، لا يشمون رائحة الحوت إلا في “بواط السردين”؟ وهل يدري أن السردين في “زمن كوفيد” وصل ثمنه إلى 25 درهما، و”كابايلا” التي يعاف طائر “عَوَّا” من بلعها بلغ ثمنها 20 درهما، و”وهاذي خايبة حتى للتعاويدة”؟
لقد قطع العثماني، من خلال هذا “البارطاج”، الشك باليقين، أنه مصدر تشويش على عيش المغاربة، وكأن لسان حاله يقول، لمن يحتجون حاليا على غلاء الأسماك، بما فيها الشعبية من سردين و”كابايلا” وزيد وزيد… استغنوا عن أكل “الحوت.. فهو شبعان ميكة”، في حين ينظر بـ”عين ميكة” إلى هذا الغلاء، الذي يطوق مزاليط الشعب.
إن المغاربة لا يهمهم في هذا الظرف العصيب مقدار “الميكة” التي يبلعها الحوت، بقدر ما يهمه، كيف أحدث هذا الحوت قطيعة مع موائدهم البئيسة.
واليوم، وفي عز الأزمة “الكورونية” التي يغرق فيها المغرب من “الرجلين حتال الوذنين”، والتي تستدعي تفكير رئيس الحكومة في حلول ناجعة لتجاوز تداعيات “هاذ الويل لخضر تاع كوفيد”، بَدَّدَ سعد الدين العثماني من وقته الثمين الذي يتقاضى عليه أجرا من جيوب المواطنين، و”بارطاجا” عبارة تحسيسية، عن الحوت والبلاستيك، في وقت نحن أحوج ما يكون لحل من شأنه أن يقلل عدد الإصابات والوفيات بالفيروس اللعين، خاصة وأننا ننتمي للدول العربية التي لا حول لها ولا قوة في مجالي البحث العلمي والابتكار، اللهم التغزل في النجوم والأقمار، والبحث عن تهييج الفحولة من روث البعير والأبقار.
إن صاحب هذا “البارطاج” هو نفسه الذي أصدر قرارا بإجبارية ارتداء الكمامة، في حين وقف “بوجهو حمر” و”بليحيتو زعما” أمام واجهة تحسيسية بضرورة ارتداء الكمامة، ليعطي تصريحا حولها، و”هو مادايرهاش”، وحتى حينما ارتداها في البرلمان، وهو مؤسسة دستورية، تركها متدلية على شحمة أذنه، حتى ظن المغاربة، أن العثماني يملك سرا يخفيه عنهم، وهو أن فيروس كورونا المستجد، ينتقل عبر الأذنين وليس الأنف.
إن صاحب “بارطاج الحوت والبلاستيك” هو القائل ذات سذاجة عابرة في مشواره كرئيس للحكومة، “حُل الروبيني ينزل الما ورّك على النكَاصة يشعل الضو”.. وكان هذا وقتها أبرز إنجاز في تاريخ الحكومات المغربية، إلى درجة أن بعض المناطق المغربية التي أهلكها العطش، ومن ضمنهم السكان في زاكورة الذين خرجوا للاحتجاج وقتها في ما سمي بـ”ثورة العطش”، طبقوا نظرية “الفقيه العثماني” وفتحوا الروبيني، فلم يجدوا ماءً، اللهم “موالين الوقت”.
المهم الآن هو أن الأسماك تأكل المواد البلاستيكية، ونحن نأكل هذه الأسماك، والحكومة تأكل من جيوب المغاربة، والمغاربة يأكلون الدَّقْ الكوفيدي ويلتزمون بـ”السكات”.. وبين الدَّقِ و”السُكات” ثمة عثماني غارق في البارطاجات.. وهذه واحدة آخرى.. ودوزو بخير.
عن الغذ 24