ما إن أُعلِن عن اسم الفائزة في الانتخابات الجزئية التي جرت يوم الخميس 18 يونيو 2020، لملء مقعد شاغر بمجلس المستشارين برسم الهيئة الناخبة لممثلي الغرف الفلاحية لجهات: مراكش أسفي، درعة تافيلالت، سوس ماسة، حتى تناسلت علامات الاستفهام حول من هي هذه “المرأة” التي اخترقت مجالا ظل إلى الأمس القريب حكرا على الرجال.
فمن تكون فاطمة الزهراء بن الطالب التي فازت بمقعد بمجلس المستشارين ممثلة لثلاث غرف فلاحية، وماهي مؤهلاتها وكيف ولجت عالم السياسة؟
ولدت فاطمة الزهراء بن الطالب قبل ثلاثة وعشرون عاما بمدينة مراكش، وتجمع في سجلها الدراسي نقط التفوق وشهادات التنويه طيلة مسار دراستها من الابتدائي وحتى شهادة البكالوريا التي نالتها عن جدارة واستحقاق، بميزة حسن جدا، في شعبة علوم الحياة والأرض.
لتتوج، بعد خمس سنوات، في المرتبة الثانية على كل دفعتها بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، بميزة حسن جدا، ما أهلها لبدء رحلة البحث الأكاديمي كدكتورة باحثة، بعلوم التدبير بجامعة محمد الخامس بأگدال.
مسار دراسي حافل بالإنجازات والنجاحات عنوانه التألق والتميز، أكدته فاطمة الزهراء بن الطالب بالاحتكاك العملي من خلال تمارين مهنية، تارة بعدد من المقاولات والشركات، وأخرى بإدارات مركزية عززت قدراتها التعلمية بالممارسة الميدانية.
تفوق وتميز دراسيين لا يعادلهما إلا تميز ابنة المدينة الحمراء في عوالم السياسة، ذلك وبالرغم من انخراطها الفعلي بحزب الأصالة والمعاصرة سنة 2013، إلا ان اهتمامها الكبير بالشأن العام وارتباطها الوثيق بالقضايا الاجتماعية ذات العلاقة المباشرة بالمعيش اليومي للمواطن البسيط، برز كمكون أساسي في شخصيتها منذ سنواتها الأولى.
فلم تجد بدا من الدخول في جلسات نقاش طويلة مع أسرتها أولا، وهياكل الحزب ثانيا، لإقناعهم بمواقفها والاستماتة في الدفاع عن قناعات تعتبرها جزءا من شخصيتها، وإيمانها العميق بأن المؤسسات المنتخبة محليا، جهويا ووطنيا، هي منطلق التشريع بمختلف مستوياته، وكلما ولج الشباب المكون والمتعلم هذه المؤسسات كلما ارتفعت جودة النصوص التشريعية والقوانين المنظمة لحياة المواطنين، فكانت لها دعم الأسرة وتزكية الحزب لخوض هذه الاستحقاقات بعزيمة وإصرار الشباب.
لتكون نموذجا للشابة التي أقنعت والدها الذي عبر لها مرار رفضه خوضها غمار السياسة والترشح لأية مؤسسة منتخبة، حجته في ذلك خوف الأب على ابنته من صعوبات العمل السياسي.
وفي هذا السياق، تؤكد فاطمة الزهراء بن الطالب على أنها تتفهم خوف والدها عليها من ممارسة العمل السياسي، نظرا للكليشيهات المرتبطة بهذا الأخير، مشيرة إلى أن الجينات السياسية التي يتقاسمها أفراد الأسرة تفوز في كل جلسة نقاش تخصص لهذا الموضوع.
ولأنها متميزة فكان من العادي أن تنقش اسمها في سجل استحقاقات انتخابية ارتبطت نتائجها بأسماء رجال من الوزن السياسي والنفوذ الانتخابي الكبيرين، حيث انتخبت عضوة بالغرفة الفلاحية لجهة مراكش-آسفي في دجنبر من سنة 2019، وفي أقل من سنة حظيت بثقة الحزب وطنيا وجهويا للترشح للانتخابات الجزئية، لملء مقعد شاغر بمجلس المستشارين برسم الهيئة الناخبة لممثلي الغرف الفلاحية لجهات: مراكش أسفي، درعة تافيلالت، سوس ماسة.
وبخصوص استعداداتها لمباشرة مهامها كعضوة بمجلس المستشارين، تقول بن الطالب، أن عضوية مؤسسة تشريعية بحجم مجلس المستشارين الذي يضم خيرة الأطر السياسية ومن مشارب مهنية مختلفة يقوي من عزيمتها على كسب التحدي الذي رفعته.
مشددة على أنها ستكون صوت الفلاح و المرأة القروية والفئات الصامتة والمهمشة، انتصارا للمرأة باعتبارها نصف المجتمع، وترافعا على قضايا الشباب كونهم الثروة القومية التي لا بد للدولة أن ترفع من منسوب الثقة فيه وايلائه المزيد من العناية والاهتمام، واقتراحا لكل ما من شأنه تطوير الفلاحة المغربية والرفع من دخل الفلاح وإنصاف المرأة القروية والرفع من جودة التكوين والتعليم و الصحة، نظرا لمتغيرات المحيط الوطني والدولي والتحديات والرهانات التي تنتظر البلاد، وبما يؤكد الدروس المستخلصة من جائحة فيروس كورونا، “التي أتمنى ان تنتهي في أقرب وقت وتعود حياة المواطنين واقتصاد البلاد إلى وثيرتهما العادية وأحسن من ذي قبل”، تقول المستشارة البرلمانية.
هي إذن شابة في مقتبل العمر، اختارت بعزيمة الشباب الدخول لعالم الكبار من أوسع أبوابه، والمساهمة في تخليق الحياة السياسية برؤية شابة طموحة، متسلحة بقناعات شكلت جزء من شخصيتها، وبثقة حزب زكاها لمهمة يعول الكثير من بنات وأبناء الشعب عليها في أن تعكس مواقف وتصورات الجيل الجديد.
خديجة الرحالي