نورالدين بازين/ وكالات
“لقد كان قبولنا بقيادة تجربة التناوب مخاطرة أخدنا فيها في الحسبان المصلحة الوطنية وليس المصلحة الحزبية؟ واليوم وقد انتهت هذه التجربة بدون أن تفضي إلى ما كنا ننتظره منها، بمعنى التوجه نحو الديمقراطية عبر خطوات تاريخية إلى الأمام، التي ستشكل قطيعة مع ممارسات الماضي، فإننا نجد أنفسنا مرة أخرى أمام متطلب وطني يلزمنا بالانتظار سنتين على أمل أن نرى إمكانية تحقق الحلم في انتقال هادىء وسلس نحو الديمقراطية، ونتمنى أن لا نفقد في المستقبل القريب ملكة الحلم والقدرة عليه”.
عبد الرحمن اليوسفي/ محاضرة بروكسيل 2003
لم يكن دفن الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي بجوار رفيق دربه أول رئيس حكومة بالمغرب الأستاذ عبد الله ابراهيم،، في مقبرة الشهداء بمدينة الدار البيضاء، سوى رسالة واضحة المعالم والعناوين، لمن يهمه الأمر. الغريب قبل القريب أجمع أن الرجل رجل دولة بامتياز، عايش ثلاثة ملوك ( محمد الخامس، الحسن الثاني ومحمد السادس)، رجل دولة رفض بشدة أموال هيأة الإنصاف والمصالحة، كما قال ذات تصريحا ” رفضت بشدة أموال هياة الإنصاف والمصالحة، كما أن الملكين الحسن الثاني ومحمد السادس ظلا يعلمان أني لن أقبل معاشاأو تعويضات غير مبررة قانونيا، فكانا يكفيان أنفسهما ويكفياني أي حرج في هذا الباب”.
لا علاقة إذن بين عبد الرحمان اليوسفي وذاك الأخر.. أنتم تعرفونه جيدا..واش فهمتوني ولا ولا..؟
وتم دفن جثمان اليوسفي بجوار رفيق دربه عبد الله إبراهيم، أول رئيس حكومة بالمغرب، الذي شاركه في العمل الوطني وفي تأسيس حزب “الاتحاد الوطني للقوات الشعبية”. وحرص العديد من الوجوه البارزة على نعي الراحل، حيث وصفه مستشار العاهل المغربي عمر عزيمان بـ”الرجل الكبير”، الذي رحل بعد حياة مليئة بخدمة استقلال الوطن والتغيير والتنمية وخدمة المعاصرة. وأشار، في تصريح صحافي، إلى أن الراحل “عاش العديد من الأحداث، وواجه تحديات عدة، لكنه استطاع في كل الظروف أن يحافظ على ثباته وعقلانيته”.
أن تكون وزيرا أولا في المغرب وتموت وأنت تسكن في شقة مساحتها 80 مترا في الدار البيضاء، ويدك نظيفة من أموال الشعب، فأنت لا تكون سوى الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي..الذي لولا جائحة كورونا لاجتاحت الحشود الهائلة شوارع مدينة الدار البضاء للمشاركة في تشييع آخر السياسيين والزعماء عبد الرحمان اليوسفي الذي جرى، بعد زوال اليوم الجمعة، في مقبرة الشهداء بمدينة الدار البيضاء، تشييع جثمانه، الذي توفي صباح اليوم عن عمر ناهز 96 سنة، عقب وعكة صحية ألمت به قبل أيام.
ومنذ الإعلان عن وفاة “شيخ الاتحاديين”، كما يوصف بالمغرب، وقائد أول حكومة تناوب في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، انتشرت على موقع التواصل الاجتماعي تدوينات نعي لمنتمين إلى حزب “الاتحاد الاشتراكي” ومواطنين، معبرين عن حزنهم الشديد على رحيله.
وعانى الراحل، على امتداد سنوات حياته، من بتر لرئته منذ 1955، كما أصيب بمرض السرطان، بالإضافة إلى جلطة دماغية إبان فترة حكومة التناوب؛ لكنه ظل صامدا بتتبع العلاج بشكل عاديّ، أو من خلال التدخل الطبي.
وبوفاة اليوسفي، يكون المغرب قد فقد آخر مهندسي حكومة التناوب التي جنبت المغرب في تسعينيات القرن الماضي “السكتة القلبية”، على حد تعبير الملك الراحل الحسن الثاني.
ويوصف الزعيم الراحل بـ”الرجل الوطني الحقيقي” الذي دافع عن تطور وضعية حقوق الإنسان بالمغرب والوطن العربي، وعن تطوير الممارسة الديمقراطية الفعلية، والدفاع عن حقوق المسحوقين والفقراء. وفيما كان أحد صناع التاريخ المغربي الحديث في فترة الاستعمار الفرنسي وبعده، كان اليوسفي من أبرز المساهمين في انتقال سلس للعرش بعد وفاة الملك الراحل الحسن الثاني واعتلاء الملك محمد السادس سدة الحكم.
فما أحوجنا اليوم لزعيم سياسي مثل الشامخ المجاهد عبد الرحمان اليوسفي، الذي برحيله انتهت أسطور العمالقة السياسيين بالمغرب. فهل بفقده فقدنا بوصلة الديمقراطية؟.